صورتاهما ويلتبس كلاهما ؛ وكذلك ينفرد كلّ واحد بدقيقة فى صورته ، يتميّز بها من بين الأنام ، فلا ترى اثنين يشتبهان. وهذا يشترك فى معرفته النّاس جميعا. فلهذا قال (لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ). ومن حمل اختلاف الألسن على اللغات ، واختلاف الألوان على السّواد والبياض ، والشّقرة ، والسّمرة ، فالاشتراك فى معرفتها أيضا ظاهر. ومن (١) قرأ (للعالمينِ) بالكسر فقد أحسن ، لأنّ بالعلم (٢) يمكن الوصول إلى معرفة ما سبق ذكره.
قوله : (وَمِنْ (٣) آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) وختم بقوله (يَسْمَعُونَ) فإن من سمع أنّ النوم من صنع الله الحكيم لا يقدر أحد على اجتلابه إذا امتنع ، ولا على دفعه إذا ورد ، تيقّن أنّ له صانعا مدبّرا. قال الإمام (٤) : معنى (يَسْمَعُونَ) هاهنا : يستجيبون إلى ما يدعوهم إليه الكتاب. وختم الآية الرّابعة بقوله (يَعْقِلُونَ) لأن العقل ملاك الأمر فى هذه الأبواب ، وهو المؤدّى إلى العلم ، فختم بذكره.
قوله : (وَمِنْ (٥) آياتِهِ يُرِيكُمُ) أى أنّه يريكم. وقيل : تقديره : ويريكم من آياته البرق. وقيل : أن يريكم ، فلمّا حذف (أن) سكن الياء وقيل : (وَمِنْ آياتِهِ) كلام كاف ؛ كما تقول : منها كذا ، ومنها كذا ومنها ... وتسكت ، تريد بذلك الكثرة.
__________________
(١) الذى قرأ بالكسر ، حفصى وقرأ من سواه بالفتح ، كما فى الاتحاف.
(٢) أ ، ب : «العلم» وما أثبت هو المناسب.
(٣) الآية ٢٣.
(٤) انظر درة التنزيل ص ٢٩٤.
(٥) الآية ٢٤.