ففيه تكليف ، وإذا خاطبه بقوله : (أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ) ففيه تخفيف. اعتبر بما فى هذه السّورة. فالذى فى أوّل السّورة (إِلَيْكَ) فكلّفه الإخلاص فى العبادة. والذى فى آخرها (عَلَيْكَ) فختم الآية بقوله (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أى لست بمسئول عنهم ، فخفّف عنه ذلك.
قوله : (إِنِّي أُمِرْتُ (١) أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) زاد مع الثانى لاما ؛ لأنّ المفعول من الثانى محذوف ، تقديره : وأمرت أن أعبد الله لأن أكون ، فاكتفى بالأول.
قوله : (قُلِ اللهَ (٢) أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) بالإضافة ، والأول (مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) ، لأنّ قوله : (اللهَ أَعْبُدُ) إخبار عن المتكلم ؛ فاقتضى الإضافة إلى المتكلم ، وقوله : (أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ) ليس بإخبار عن المتكلم ، وإنما الإخبار (أمرت) ، وما بعده فضلة ومفعول.
قوله : (وَيَجْزِيَهُمْ (٣) أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) وفى النحل (وَلَنَجْزِيَنَ (٤) الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) وكان حقّه أن يذكر هناك. خصّت هذه السورة بـ (الذى) ليوافق ما قبله. وهو (أَسْوَأَ الَّذِي) ، وقبله (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ). وخصّت النّحل بـ (ما) للموافقة أيضا. وهو (إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) و (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) فتلاءم اللفظان فى السّورتين.
قوله : (وَبَدا (٥) لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) وفى الجاثية (ما عَمِلُوا)(٦)
__________________
(١) الآيتان ١١ ، ١٢.
(٢) الآية ١٤.
(٣) الآية ٣٥.
(٤) الآية ٩٦.
(٥) الآية ٤٨.
(٦) الآية ٣٣.