الثالث : أن يعلم أوّلا مرتبة العلم الذى أزمع عليه ، وما غايته ، والمقصود منه ؛ ليكون على بيّنة من أمره.
الرابع : أن يأتى على ذلك مستوعبا لمسائله من مبادئه إلى غايته ، سالكا فيه الطّريق الأليق به ، من تصور وتفهّم واستثبات بالحجج.
الخامس : أن يقصد فيه الكتب المنتقاة (١) المختارة ؛ فإن الكتب المصنّفة على قسمين : علوم وغير علوم.
وهذه ـ أعنى الثانية ـ إمّا أوصاف حسنة ، وأمثال سائرة ، قيّدتها (٢) التقفية والوزن ؛ وهى دواوين الشعراء ـ وهى طبقات ـ وإمّا عارية عن هذا القيد ؛ وهى التواريخ وأخبار الماضين وحوادث الحدثان ، فيما تقدّم من الأزمان.
وأمّا كتب العلوم فإنها لا تحصى كثرة (٣) ؛ لكثرة العلوم وتفنّنها ، واختلاف أغراض العلماء فى الوضع والتأليف. ولكن تنحصر من جهة المقدار فى ثلاثة أصناف :
مختصرة لفظها أوجز من معناها. وهذه تجعل تذكرة لرءوس المسائل ينتفع بها المنتهى للاستحضار ؛ وربّما أفادت بعض المبتدئين من الأذكياء (٤) الشّهماء (٥) ؛ لسرعة هجومهم على المعانى من العبارات الدقيقة.
ومبسوطة تقابل المختصرة ؛ وينتفع بها للمطالعة.
__________________
(١) فى أ ، ب : «المنقية» ويبدو أنه محرف عما أثبت
(٢) فى أ ، ب : «قيد بها» والأظهر ما أثبت وفى كشف الظنون فى المقدمة (الباب الثالث فى المؤلفين): «واما أوصاف وأمثال ونحوها قيدها النظم»
(٣) فى ا : «كثيرة»
(٤) ا ، ب : «الأزكياء»
(٥) انظر التعليق على الخطبة