ومن هاهنا صار عند بعضهم آيات القرآن أكثر ، وعند بعضهم أقلّ ، لا أن بعضهم يزيد فيه ، وبعضهم ينقص ، فإنّ الزّيادة والنّقصان فى القرآن كفر ونفاق ؛ على أنّه غير مقدور للبشر ؛ قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ (١) نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
فإذا علمت هذه القاعدة فى الآيات ، فكذلك الأمر فى الكلمات والحروف ، فإنّ بعض القرّاء عدّ (فِي السَّماءِ) و (فِي الْأَرْضِ) و (فِي خَلْقِ) وأمثالها كلمتين ، على أنّ (فى) كلمة ، و (السّماء) كلمة ، وبعضهم عدّهما كلمة واحدة فمن ذلك حصل الاختلاف ؛ لأنّ من عدّ (فِي السَّماءِ) وأمثاله كلمتين كانت كلمات القرآن عنده أكثر.
وأما الحروف فإن بعض القراء عدّ الحرف المشدّد حرفين ، فيكون على هذا القرآن عنده أكثر.
فإذا فهمت ذلك فاعلم أنّ عدد آيات القرآن عند أهل الكوفة ستة آلاف ومائتان وستّ وثلاثون آية. هكذا مسند المشايخ من طريق الكسائى إلى علىّ بن أبى طالب. وقال سليم عن حمزة قال : هو عدد أبى عبد الرّحمن السّلمى. ولا شكّ فيه أنّه عن على ، إلا أنى أجبن عنه. وروى عبد الله بن وهب عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : آيات القرآن ستّة آلاف ومائتان وثمان عشرة آية. وحروفها ثلاثمائة ألف حرف وستمائة حرف وسبعون حرفا ، بكلّ حرف منها عشر حسنات لقارئ القرآن. وروينا عن الفضل بن عبد الحنّان قال : سمعت أبا معاذ النحوىّ يقول : القرآن ستّة آلاف آية ومائتان
__________________
(١) الآية ٩ سورة الحجر