.................................................................................................
______________________________________________________
والتقصير في تعظيمه كما هو ، وبالمنّ عليه حضورا وغيبة ، فإنّ ذلك مبطل للأجر كما نطق به الكتاب العزيز «لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى» (١).
فإن الظّاهر أنّه يجري في جميع القربات وليس بمختصّ بصدقة المال ، بل موجب للعذاب ، لقوله تعالى «لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ) ـ أي بمنجاة ـ (مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (٢).
ولما روي في مذمّة المنّة : قال في المنتهى في بحث التّجارة (في حديث) : من اصطنع إلى أخيه معروفا فامتنّ به أحبط الله عمله وأثبت وزره ولم يشكر له سعيه (٣).
وبالجملة الأصل والأساس هو الإخلاص وهو قليل جدّا وصعب في الغاية كما يشعر به تشبيه من شبّهه من العلماء بإخراج اللّبن الخالص من بين فرث ودم ، وهذا التّشبيه في نهاية الحسن وغاية الكمال ، فافهم ، وفقنا الله للعمل به.
ثمّ مع ذلك قد يكون ما فعله جبرا لبعض ما ارتكبه ، وهو حينئذ على خطر ، كما تدلّ عليه الأخبار.
مثل ما روي عن طريق العامّة والخاصّة في الفقيه «كفّارة خدمة السّلطان قضاء حوائج الأخوان» (٤).
ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «سمعته يقول : ما من جبّار إلّا ومعه مؤمن يدفع الله عزّ وجل به عن المؤمنين وهو أقلّهم حظّا في الآخرة ،
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٦٤.
(٢) سورة آل عمران ، الآية ١٨٨.
(٣) الوسائل ، كتاب الزكاة ، أبواب الصّدقة ، الباب ٣٧ ـ الحديث ٥.
(٤) المصدر نفسه ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب ٤٦ ، الحديث ٣. وفيه كفارة عمل السلطان.