الحكم ، فهو معلول للملاك ، وهذه جهة لمّية ـ ينكرها الأشاعرة ـ.
وعلى هذا ، فإنّ إجزاء صلاة الجمعة عن صلاة الظهر إنّما يتمُّ بتصرّف الدليل القائم عليها ـ وهو الأمارة ـ في احدى الجهتين ، وإلاّ ، فإنّ دليل الواقع يقتضي الامتثال والعقل يحكم بذلك ـ تحصيلاً لغرض المولى من الجهة الأولى ، وخروجاً عن اشتغال الذمّة من الجهة الثانية ـ حتى يأتي البدل عن الحكم الواقعي ، كما في قاعدة الفراغ مثلاً ، الدالّة على قبول العمل بدلاً عن الواقع في مرحلة الامتثال.
والحاصل : إنه لا بدَّ وأنْ تتصرّف الأمارة في إحدى الجهتين ، لأنه إذا تصرَّف في مرحلة الامتثال سقط الاشتغال بالواقع ، لأن موضوع حكم العقل هنا أعمّ من الامتثال الظاهري والواقعي ، وكذلك إذا تصرّف في مرحلة الملاك ، لأن الحكم إنما يؤثّر في الامتثال فيما إذا بقيت العلّة له ، وبتصرف الأمارة لا تبقى العلّة فلا يجب امتثال ذاك الحكم.
هذه كبرى القضيّة.
فهل دليل الحكم الظاهري يتمكن من التصرّف في إحدى الجهتين المذكورتين حتى يتم الإجزاء ، أو لا؟
مثلاً : لو أفتى المجتهد بكفاية التسبيحة الواحدة ، وعمل المقلِّد بذلك ، ثم تبدّل رأيه أو قلَّد مجتهداً آخر يفتى بوجوب الثلاث ... هذا بالنسبة إلى المقلِّد. وكذا المجتهد نفسه ، فلو أفتى طبق عامٍ لم يظفر بمخصّصٍ له ، فكان حجةً عنده ، ثم ظفر بالخاص وأفتى على طبقه لكونه الحجة الفعليّة ، فما هو حكم الأعمال السابقة؟
أمّا في مرحلة الملاك ، فلا يمكن التصحيح ، لأن الملاك كان علةً للحكم