الأوّل ، ولا يعقل أن يصير ملاكاً للحكم الثاني الذي قامت عليه الأمارة ، فلا الأمارة نفسها ولا دليل اعتبارها يتكفّل تحقّق الواقع بالعمل على طبق الأمارة ، إذْ لم تكن الأمارة إلاّ كاشفةً عن الواقع ، ودليل اعتبارها لا يفيد إلاّ جعل الطريقيّة لها ، ولا يوجد في مورد قيام الأمارة أكثر من هذا ، وحال الأمارة ليس بأحسن من حال القطع ، فلو قطع بتحقّق الطهارة ـ مثلاً ـ لم يثبت الشرط الواقعي في لباس المصلّي ، ولا يفيد القطع ثبوت ملاك الطهارة الواقعيّة فيه ... وكذا لو قطع بوجوب صلاة الجمعة.
إذن ، لا يمكن للأمارة نفسها ولا دليل اعتبارها التصرف لا في الملاك ، ولا في مرحلة الامتثال ، لأنَّ حال الأمارة ليس بأقوى من حال القطع ، فكما أنه بعد انكشاف الخلاف يسقط القطع عن التأثير ويقال ببقاء الغرض وعدم حصول الامتثال ، كذلك عند انكشاف مخالفة الأمارة للواقع.
هذا كلّه بناءً على مسلك الطريقيّة بمعنى الكاشفية عن الواقع ... وإذا لم يمكن ذلك ثبوتاً ، فلا تصل النوبة إلى البحث الإثباتي.
أمّا على مسلك جعل الحكم المماثل ، أي إنه بقيام الأمارة على وجوب الجمعة ـ مثلاً ـ يتحقّق جعلٌ من الشارع بوجوبها ، ففي المورد جعلٌ من الشارع ، وهذا الجعل ليس بلا ملاك ، فإذا امتثل العبد هذا الحكم سقط التكليف ، لأنه حكمٌ ذو ملاك ، فلا بدّ من القول بالإجزاء على هذا المسلك.
لكنْ ليس الأمر كذلك ، لأن الحكم المماثل إنما يكون مجعولاً ما دام موضوعه موجوداً ، إذ لا يعقل بقاؤه بعد زوال موضوعه ، ولا ريب أن الموضوع للأمارة هو الشك ، وإنْ لم يكن الشك مأخوذاً في لسان أدلّتها في مقام الإثبات ، نعم ، قد قيل بكون الشك مأخوذاً في آية السؤال ، وهو من