جملة أدلّة اعتبار الأمارة. لكن تقرّر في محلّه عدم تمامية الاستدلال بالآية.
وعلى الجملة ، فالعقل كاشف بكون الموضوع هو الشك. وحينئذٍ : ما الدليل على إطلاق هذا الحكم الظاهري المستفاد من الأمارة على هذا المسلك ، بأنْ يكون باقياً حتى بعد زوال الشك؟
إنه لا يعقل بقاء الحكم بعد زوال موضوعه ، فإذا قامت أمارة على خلاف الحكم السابق ، لا يبقى شك ، وحينئذٍ لا يبقى حكم مماثل للحكم الواقعي ، إذْ بقيام الأمارة على الخلاف يكون الواقع قد انكشف ، وظهر وقوع العمل على خلاف الواقع ، لأن المفروض دلالة الأمارة الثانية على كون الواجب في الشريعة هو صلاة الظهر لا صلاة الجمعة ... فملاك صلاة الظهر باق على حاله ، وهو يستدعي الامتثال ، وقد وصل بالأمارة الثانية ، والعقل يحكم بلزوم تحصيله.
وأمّا على مسلك جعل المؤدّى ، فأمّا على أن المراد هو جعل الشارع مؤدّى خبر زرارة ـ مثلاً ـ في ظرف قيامه ، فلا فرق بينه وبين جعل الحكم المماثل. وأمّا على أنّه لمّا يقوم خبر زرارة يكون المخبر به حكماً واقعيّاً ، بمعنى أن الإمام يعتبر قول زرارة قوله واقعاً ـ كما جاء في الصحيحة في العمري «فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي وما قال لك فعنّي يقول» (١) ـ فإنه على هذا يكون قد وسّع الإمام عليهالسلام الواقع ، وجعل مفاد رواية زرارة مصداقاً له ، فإذا عمل المكلَّف على طبقه لم يفت عنه شيء من الواقع ، وحينئذٍ يشكل القول بعدم الإجزاء.
لكنّ الجواب عنه هو : إن هذه التوسعة ـ على أيّ حال ـ ظاهريّة وليست
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ / ١٣٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، رقم ٤.