وكذلك كون البحث هنا عقليّاً لا يوجب اندراجه في مسائل علم الكلام ، لأنّ المسائل الكلاميّة مسائل عقليّة بالمعنى الأخص ، إذ هي المسائل الباحثة عن أحوال المبدا والمعاد فقط.
فإمّا أن يكون بحثنا من المسائل الفقهيّة ، وامّا أن يكون من المسائل الاصولية ، فقد حكي عن بعضٍ القول بكون بحث مقدّمة الواجب من المباحث الفقهيّة ، لأنه يبحث فيه عن الحكم الشرعي للمقدّمة ، وامّا أن يكون من المسائل الاصوليّة ، كما سيأتي.
لكنْ يردّ القول الأوّل : إن البحث هنا إنما هو عن ثبوت الملازمة بين المقدّمة وذي المقدمة من حيث الحكم ، والبحث عن هذه الحيثية ليس بحثاً فقهيّاً.
وأجاب الميرزا (١) عن القول المذكور : بأنّ الأحكام الفقهيّة مجعولة للعناوين الخاصّة والموضوعات الواحدة بالوحدة النوعيّة ، كالصّلاة ، والخمر مثلاً ، والمقدّمة تصدق في الخارج على العناوين المتعددة والحقائق المختلفة ، وليست عنواناً لفعل واحدٍ ، فليست من مسائل الفقه.
وفيه : إن المسألة الفقهيّة هي الأحكام الكليّة الإلهيّة المجعولة للموضوعات والعناوين الخاصّة ، من دون فرقٍ بين كونها منطبقةً خارجاً على حقيقة واحدة كالصّلاة والخمر ، أو على حقائق متعدّدة ، كعنوان النذر والعهد واليمين ونحو ذلك ، فليس من شرط المسألة الفقهيّة عدم انطباقها إلاّ على الحقيقة الواحدة.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٣١٠.