وأجاب المحقق العراقي (١) عن القول المذكور : من جهة أن الملاك في المسألة الفقهيّة هو أنْ يكون ملاك الحكم الكلّي متّحداً ، سواء كان للموضوع مصاديق مختلفة أو لا ، نظير ضمان اليد ، فإنّه حكم فقهي مع اختلاف موضوعه وتعدّده ، لكون الملاك واحداً وهو «اليد» فنقول : المأخوذ بالعقد الفاسد فيه ضمان ، والعقد الفاسد تارةً هو البيع ، وأخرى الإجارة ، وثالثة الصّلح ، وهكذا ...
وكلّ موردٍ تعدّد فيه الملاك ، فالمسألة ليست فقهيّة ، ومسألة المقدّمة من هذا القبيل ، لأن ملاك وجوب مقدمة الحج غير ملاك وجوب مقدّمة الصّوم ... وهكذا ... فإنّه وإن كان حكماً كلّياً إلهيّاً ، لكنه ليس بمسألةٍ فقهيّة.
قال الاستاذ : هذا جيّد ، لكنْ لا برهان على خروج ما تعدّد ملاكه من الأحكام الكلّية عن الفقه ، لأن ضابط المسألة الفقهية ليس إلاّ كون الحكم المستنبط حكماً كلّياً إلهيّاً سواء تعدّد ملاكه أو اتّحد.
وللسيّد الاستاذ جواب آخر وهو : إنّ وجوب المقدّمة بعنوان أنّها مقدّمة يكون بملاك واحدٍ وهو ملاك المقدّمية ، فإنه هو الذي يوجب ترشّح الوجوب على المقدّمة في كلّ الموارد ، وليس له ملاك آخر غيره (٢).
أقول :
ظاهره أنّ «المقدميّة» هي «الملاك» لكن الكلام في ملاك المقدميّة : فتأمّل.
وتلخّص : تعيّن كون المسألة من مسائل علم الاصول ، ويكفي في ذلك
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ / ٢٥٩.
(٢) منتقى الاصول ٢ / ٩٩.