الداعي للعبد ، ليتحرّك نحو الامتثال وتحقيق غرض المولى ... وهذه حقيقة الإرادة التشريعيّة ، في قبال الإرادة التكوينيّة ، التي هي إرادة صدور الفعل من النفس لا من الغير ، فكان الفرق بين الإرادتين : أن متعلَّق الإرادة في التكوينيّة هو الفعل ، ومتعلَّقها في التّشريعيّة هو الإنشاء والبعث بداعي جعل الداعي ... فكلتا الإرادتين تكوينيّة ، غير أنَّ المتعلَّق في التكوينيّة هو فعل النفس ، من القيام والقعود والأكل والشرب ، وفي التشريعيّة هو الإنشاء المحرّك للعبد ، والطلب منه بداعي جعل الداعي للتحرّك ... لأن «الإرادة» هي «الشوق» غير أنّ المتعلَّق تارةً تكويني وهو «الفعل» واخرى غير تكويني وهو «البعث».
وثانياً : إنه بصدور «البعث» يتحقّق الحكم ، غير أنّ «البعث» من المولى ، و«الانبعاث» من العبد ، أمران متضايفان ، والمتضايفان متكافئان قوةً وفعلاً ، وعلى هذا ، فإن كان البعث فعليّاً فالانبعاث فعلي ، وإن كان إمكانيّاً فالانبعاث إمكاني ، ولا يعقل أن يكون البعث فعليّاً والانبعاث إمكاني ... وهذا مقتضى قانون التضايف.
والنتيجة هي : إنه إذا كان المبعوث إليه مقيّداً بالزمان المتأخّر ، فلا امكان للانبعاث إليه الآن ، وحينئذٍ لا يعقل وجود البعث الإمكاني نحوه ... وإلاّ يلزم الانفكاك بين المتضائفين ... وإذْ لا بعث فلا حكم ... فالواجب المعلَّق ـ بأنْ يكون الوجوب الآن ولكنّ الواجب متعلَّق على أمر متأخّرٍ غير حاصلٍ الآن ـ محال.
ثم إنه ـ رحمهالله ـ نقض على ما ذكره : بما إذا كان الفعل ذا مقدّمات ، فهو قبل حصولها غير ممكن ، ولازم ما ذكر عدم الحكم به إلاّ بعد حصولها ، فزيارة الإمام الحسين عليهالسلام يتوقّف على طيّ الطّريق والمسافة ، فلا