أيضاً ، لكنْ لا برهان على أن يكون وجوب ذي المقدمة مقارناً لوجوبها ... فقد يكون وجوب المقدمة الآن ووجوب ذي المقدمة فيما بعد. وعلى هذا ، فلو قلنا بأن الإرادة المتعلّقة بالمقدّمة ناشئة من الإرادة المتعلّقة بذي المقدّمة ، لزم أحد المحذورين.
بل إرادة المقدّمة ناشئة من الشوق إلى ذي المقدّمة ، فمن أراد الدرس واشتاق إليه ، خرج من بيته وتحرَّك نحو المدرسة ... هذا في القضايا التكوينيّة ، وكذلك في التشريعيّة ، فإنّ الشوق لفعل الغير يوجب البعث إليه ، فإنْ رأى المولى توقّفه على مقدّمةٍ اشتاق إليها وبعث نحوها ، وإنْ لم يكن البعث إلى ذي المقدّمة حاصلاً في هذا الوقت ، لكون ظرفه هو الزمان اللاّحق.
فكان الشوق كافياً في إيجاب المقدّمة الآن ، وإنْ لم يكن ذو المقدمة واجباً ، ووجوب المقدّمة يعني تحصيلها أو حفظها إن كانت حاصلةً.
وفيه :
إنّ هذا الوجه لا يفيد لوجوب تحصيل أو حفظ المقدّمة ، لأنَّ البعث نحو المقدّمة يكون بالوجوب الغيري ، وهو موقوف على ثبوت الملازمة بين الوجوب الشرعي لذي المقدّمة والوجوب الشرعي للمقدّمة. وهذا غير ثابت ، بل التلازم بين الوجوب الشرعي لذي المقدّمة واللابدية العقلية للمقدّمة ، هذا أوّلاً.
وثانياً : إنه بناء على تماميّة التلازم المذكور ، تكون المقدّمة واجبةً بالوجوب الغيري ، لكن الوجوب الغيري لا يستتبع استحقاق العقاب حتى يكون التحصيل أو الحفظ واجباً ، إلاّ أن يرجع إلى لزوم حفظ غرض المولى