الثاني : القول بوجوبها بالوجوب النفسي التهيّئي ، فيجب تحصيلها أو حفظها. قاله السيّد البروجردي أيضاً (١).
وفيه : المقدمة الواجبة كذلك هي التعلّم ، كما سيأتي. وأمّا غيره من المقدمات فلم يقم دليل شرعي تامٌّ على وجوبه.
الثالث : القول بأنّ تفويت غرض المولى قبيح عقلاً ، بمعنى أنه تعجيز للمولى من أن يجعل ما يتعلّق به غرضه من الأحكام ، وهذا متحقق في صورة عدم تحصيل أو حفظ المقدّمة ، فهو قبيح. حكاه المحقق الأصفهاني (٢).
وفيه :
كما ذكر المحقق الأصفهاني : إنه موقوف على ثبوت استقلال العقل بلزوم تمكين المولى من أغراضه القائمة بتشريعاته وجعله للأحكام ، فيكون تعجيزه قبيحاً ، وهذا غير ثابت ، نعم ، العقل حاكم بقبح عدم تمكينه من أغراضه القائمة بأفعال المكلَّفين ، فيمكن بذلك تعجيزه من أصل الحكم والاعتبار ، لكنّ هذا حكم عرضي وليس باستقلالي.
الرابع : القول بكون وجوب المقدّمة ناشئاً من الشوق ، لا من وجوب ذي المقدمة ، ولمّا كان هذا الشوق حاصلاً قبل ذي المقدّمة ، فيجب تحصيل المقدّمة أو حفظها قبله ... قاله المحقق الأصفهاني.
وتوضيحه : إن إرادة المقدّمة ليست ناشئةً عن إرادة ذي المقدمة ، وإلاّ يلزم إمّا انفكاك العلّة عن المعلول ، وامّا تقدّم المعلول على العلّة ، وكلاهما محال ، والسرّ في ذلك هو : إنّه إذا وجبت المقدّمة ، فذو المقدمة واجب
__________________
(١) نهاية الأصول : ١٦٦.
(٢) نهاية الدراية ٢ / ٨٨ ـ الهامش.