فإنّ السيرة العقلائيّة قائمة على ترتيب الأثر إلزاماً على صيغة افعل ، وهي سيرة عامّة ، غير مختصّة بالموالي والعبيد ... كما تقدّم في مادّة الأمر.
وقد كان هذا هو المرتكز بين أصحاب الأئمة عليهمالسلام ، وتشهد به ضروراتٌ من الفقه.
فالوجوب ليس لفظيّاً ولا عقليّاً ، بل هو عقلائي.
وممّا يشهد به في الفقه مسألة خيار الغبن ، فإن المستند العمدة على ثبوت هذا الخيار هو تخلّف الشّرط ، إذ الشرط الارتكازي بين العقلاء في المعاملة هو المساواة بين الثمن والمثمن ، فبناء العقلاء في سائر معاملاتهم على المساواة بينهما كاشف عن وجود هذا الشرط في كلّ معاملة ، ولو مع عدم التلفّظ به في متن العقد.
فكما يكون البناء العقلائي هناك ذا أثر من هذا القبيل ، ولدى التخلّف يستند إلى ذلك ، كذلك البناء العقلائي فيما نحن فيه ، على ترتيب أثر الوجوب والإلزام على صيغة افعل ، كاشف عن دلالتها على الوجوب.
وهذا هو التحقيق عند الاستاذ في الدورة اللاّحقة.
أقول :
ولكن ، هل لهذه السيرة ملاك أو لا؟ وكيف تحقق مع العلم باستعمال الصيغة في الندب بقدر استعمالها في الوجوب إن لم يكن أكثر؟
ومن هنا يرجع المطلب إلى الإطلاق ، بالبيان الذي ذكره في الدّورة السابقة. من أن الوجوب ـ في الحقيقة ـ أمر اعتباري منتزع من البعث وعدم الترخيص في الترك ، وأنّ الندب أمر اعتباري منتزع من البعث والترخيص في الترك ، فليس الوجوب والندب إلاّ أمرين منتزعين ، هذا في الواقع ، وكذلك