.................................................................................................
__________________
وأمّا المقام الثاني : ـ وهو الذي أشار إليه المصنف قدسسره بقوله : وأما تعيين الموجب لخصوص المشتري وبالعكس ـ فحاصله : أنّه هل يعتبر في صحة البيع أن يعرف المشتري مالك المبيع ، بأن يعرف أنّ العاقد الموجب هل هو مالك المبيع أم وكيله؟ أم لا يعتبر إلّا تعيين البائع بحسب قصد الموجب للعقد ، وتعيين المشتري بحسب قصد القابل للعقد.
والحاصل : أنّ تعيين المالكين للعوضين ثبوتا عند الموجب والقابل هل هو كاف أم لا بدّ من معرفة كل من المالكين للآخر إثباتا؟
الظاهر الأوّل ، لأنّ مقتضى إطلاق الأدلة «كأوفوا بالعقود ، وأحل الله البيع ، وتجارة عن تراض» ونحوها عدم اعتبار ذلك ، بعد وضوح صدق العقد العرفي على العقد الذي لم يصرّح فيه بمالكي العوضين. وكذا في الهبة والنكاح وغيرهما ، من دون فرق في ذلك بين العقود التي يكون الركنان فيها المتعاقدين كالنكاح وبين غيرها ، فيصح أن تزوّج المرأة نفسها لمن قصده القابل من نفسه أو غيره المعيّن عنده.
وكذا يصح أن يقبل قابل عقد الهبة لنفسه ، أو غيره من دون توقف صحة الهبة على معرفة الواهب بكون القابل هو المتهب أو غيره.
والوجه في ذلك صدق حقائق هذه العقود بدون تعيين من له هذه العقود في مقام الإثبات بعد تعيينه ثبوتا ، لأنّ حقيقة البيع هي اعتبار التبديل بين مالين ، وحقيقة الهبة هي اعتبار ملكية العين الموهوبة لشخص ، وحقيقة الزواج هي اعتبار عدلية أحد الزوجين للآخر. ولا ريب في تحقق هذه الحقائق بالصيغ المزبورة ، مع عدم معرفة الموجب بمن قصده القابل ، ولا معرفة القابل بمن قصده الموجب من نفسه أو غيره ، فإنّ معرفة خصوصيات الأشخاص ليست دخيلة في ماهية العقد عرفا ، ولا في صحتها شرعا.
فالمتحصل : أنّه لا دليل على معرفة الأشخاص إثباتا بعد تعيينهم ثبوتا ، هذا.