رفع بعض الأحكام الوضعية يشهد بعموم المؤاخذة فيه (١) لمطلق الإلزام عليه (٢) بشيء.
ففي صحيحة البزنطي عن أبي الحسن عليهالسلام : «في الرجل يستكره على اليمين ، فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك ، أيلزمه ذلك؟ فقال عليهالسلام :
لا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وضع عن أمّتي ما اكرهوا عليه وما لم يطيقوا وما أخطأوا» (١).
______________________________________________________
(١) أي : في الخبر.
(٢) أي : على المكره بشيء ، فيرفع عنه كلّ إلزام شرعي ، سواء أكان تكليفيا كوجوب الكفارة على حنث الحلف ، أم وضعيّا كالصحة في العقد والإيقاع ، أم غيرهما كالعقوبة الأخروية ، فلو قال مكرها : والله إن فعلت كذا فزوجتي طالق ، أو : فعبدي حرّ ، أو ما أملكه فهو صدقة في سبيله تعالى» لم ينفذ ، ولم يترتب عليه حكم الحلف المنشأ عن طيب النفس.
فإن قلت : لا يتجه التمسك بصحيحة البزنطي لإثبات كون المرفوع بحديث رفع التسعة مطلق المجعول الشرعي ، لا خصوص المؤاخذة الأخروية ، وذلك لأنّ الحلف على الطلاق والعتاق والصدقة باطل عندنا مطلقا سواء أكان الحالف مختارا أم مكرها عليه. وهذا يوجب وهن أصالة الجدّ في استدلال الإمام عليهالسلام بفقرة «ما أكرهوا عليه» على بطلان الحلف في حال الإكراه خاصة.
وبعبارة أخرى : استناد بطلان الحلف المزبور إلى وجود المانع ـ وهو الإكراه ـ متفرع على تمامية المقتضي يعني صحة أصل الحلف على الطلاق. ومع فرض تسالمهم على البطلان مطلقا لا مقتضي للصحة حتى يتشبث بحديث «رفع الإكراه» على بطلانه في هذه الحال. فلعلّه عليهالسلام اتّقى في تمسكه بحديث الرفع لإثبات فساد هذا الحلف الإكراهي ، ولم يحكم ببطلانه حتى في حال الاختيار.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٦ ، ص ١٣٦ ، الباب ١٢ من كتاب الأيمان ، ح ١٢.