وحكمهم (١) بعدم وجوب التورية في التفصّي عن الإكراه. وصحّة (٢) بيعه بعد الرضا. واستدلالهم (٣) له بالأخبار الواردة في طلاق المكره
______________________________________________________
ما قد يتوهم من عبارة الشهيدين من عدم قصد مدلول العقد ، لأنّهم اشترطوا القصد أوّلا ، ثم اشترطوا الرّضا وعدم الإكراه. فلو لم يتمشّ القصد من المكره كان اشتراط القصد كافيا لإثبات بطلان إنشائه ، ولم يحتج إلى اشتراط الاختيار حينئذ ، لانتفاء العقد بانتفاء القصد ، فلا متعلّق للرضا.
قال المحقق في شرائط الطلاق : «الثالث : الاختيار ، فلا يصح طلاق المكره .. الرابع : القصد .. فلو لم ينو الطلاق لم يقع كالساهي والنائم والغالط» (١).
(١) بالجرّ معطوف أيضا على قوله : «معنى الإكراه» وهذا وجه ثالث ، وحاصله : أنّ التأمل في حكم الفقهاء بعدم وجوب التورية ـ لأجل التفصّي عن المكره عليه ـ يشهد بتحقق قصد المدلول ، لتفرع التورية على القصد ، فيقال بأنه يقصد معنى آخر من «بعت» غير «إنشاء تمليك عين بمال». فلو كان إنشاء المكره صوريّا خاليا عن قصد المضمون لم يكن موضوعا لوجوب التورية أو لعدم وجوبها ، لفرض بطلانه من جهة قصور المقتضي بفقد الإرادة الجدية. فنفي وجوب التورية كاشف عن تحقق القصد المقوّم للإنشاء.
(٢) بالجر أيضا معطوف على «معنى الإكراه» وهذا وجه رابع ، وحاصله : أنّ التأمل في حكمهم بصحة بيع المكره إذا لحقه الرضا كاشف عن حصول القصد المقوم لعقدية العقد ، وإنّما المنتفي هو الشرط أعني به الرضا ، فإذا لحقه صحّ ، لتمامية سبب النقل حينئذ. وعليه فلا سبل للأخذ بما يتوهم من عبارة الشهيدين من عدم قصد المدلول أصلا.
(٣) بالجرّ معطوف أيضا على «معنى الإكراه» وهذا وجه خامس على أنّ المكره قاصد لمدلول إنشائه ، وحاصله : أنّه استدلّ الفقهاء على بطلان طلاق المكره بما ورد في جملة نصوص من «أنه لا طلاق إلّا مع إرادة الطلاق» بتقريب : أنّ مفهوم
__________________
(١) شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ١٢ و ١٣.