.................................................................................................
______________________________________________________
وملخص ما ذكره في قوله : «ولكن الأولى أن يفرق .. إلخ» أنّ الإكراه يصدق موضوعا على صورة التمكن من التورية ، ولا ينافيه التمكن من التورية.
توضيح الفرق بين إمكان التفصي بالتورية وبين إمكانه بغير التورية ـ بصدق الإكراه موضوعا على الأوّل دون الثاني ـ هو وقوع المكره في الضرر على تقدير تركه للمكره عليه ، وهو موجود في التورية ، إذ مع التفات المكره إلى ترك المكره عليه يوقع المكره في الضرر ولو مع التورية.
وإن شئت فقل : إنّ المكره في موارد التمكن من التورية مقهور في إرادة أحد الأمرين ، إمّا إيجاد نفس الفعل المكره عليه ، وإمّا التورية ، فأيّهما وقع يقع عن إرادة مقهورة لإرادة الغير. نظير الإكراه على أحد الأمرين كإلزامه ببيع داره أو إجارة حمّامه.
وهذا بخلاف موارد القدرة على غير التورية ، لتمكّنه من مخالفة الآمر ـ مع اطّلاعه عليها ـ بدون الإضرار.
وبعبارة أخرى : الفرق بين التورية وغيرها من أنحاء التفصي هو : أنّ الضرر الذي يورده المكره على المكره لا يدور مدار مخالفة المكره واقعا لما أكره عليه ، بل يدور مدار إحراز المكره مخالفة المكره ، فيقال : «كل ما أحرز المكره مخالفة المكره لأضرّ به» وهذه القضية الشرطية غير متحققة عند تمكّن المكره من الفرار أو التخلص من شرّ المكره بوجه آخر كالاستشفاع ، فلا يصدق الإكراه حقيقة للأمن من إضراره حينئذ.
وهذا بخلاف ما لو تفصّى المكره بالتورية بأن أكره على بيع داره ، فقصد تمليك منفعتها لا رقبتها ، فإنّه لو التفت المكره إلى ما تورّى به المكره ، وعلم بمخالفته لأمره لأورد الضرر عليه قطعا ، إذ المفروض كون المكره في مكان تحت حيطة استيلاء المكره ، فيقدر على الإضرار به وتنفيذ ما توعّده به. وعلى هذا فالتمكن من التورية لا ينافي الإكراه موضوعا ، بخلاف التمكن من التفصّي بوجوه أخر.