عليه ، فيكون الفرق بينه (١) وبين الاضطرار المعطوف عليه في ذلك الحديث اختصاص الاضطرار بالحاصل لا من فعل الغير كالجوع والعطش والمرض.
لكن الداعي على اعتبار ما ذكرنا في المعاملات (٢) هو أنّ العبرة فيها بالقصد الحاصل عن طيب النفس (٣) ، حيث استدلّوا على ذلك بقوله تعالى : (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) ولا يحلّ مال امرء مسلم إلّا عن طيب نفسه وعموم (٤)
______________________________________________________
(١) كأنّه دفع لما يتوهم من أنّ الإكراه إذا كان بمعنى الإلجاء المنوط بالعجز عن التفصّي لم يبق فرق بين الإكراه والاضطرار المذكورين في حديث الرفع ، مع أنّ عطف «الاضطرار» على «الإكراه» يقتضي مغايرتهما وعدم اتحادهما.
فدفع قدسسره هذا التوهم بأنّ الفارق بينهما هو اختصاص الاضطرار بما لا يحصل من فعل الغير كالجوع والعطش والمرض ، والإكراه يحصل بفعل الغير بحمله على الفعل ، وتوعيده على الترك كالسلطان.
(٢) غرضه توجيه ما اختاره في المعاملات من جعل الإكراه بمعنى عدم طيب النفس ، مع أنّه خلاف ما يتبادر من لفظ الإكراه وهو الإلجاء والضرورة.
وحاصل ما أفاده من التوجيه : أنّ المعتبر في المعاملات طيب النفس ، بقرينة استدلالهم على مانعية الإكراه بآية «التجارة عن تراض» والروايات الدالة على اعتبار طيب النفس ، واعتبار الإرادة في صحّة الطلاق. ومن المعلوم أنّ طيب النفس يرتفع بأدنى شيء ، فلا يعتبر أن يكون رافع الطيب خصوص إكراه السلطان الموجب للضرورة والإلجاء ، بل يكفي في مبطلية الإكراه للمعاملة ـ الرافع لطيب النفس ـ أن يكون من الأب والأمّ والزوجة ، بخلاف الإكراه المسوّغ للمحرّمات ، إذ لا بدّ فيه من ترتب الضرر على ترك المكره عليه ، كما هو شأن الجبر من السلطان.
(٣) فلا عبرة بالقصد الحاصل من تحميل الغير ، الموجب للنفرة والكراهة بدل الطيب والرضا.
(٤) معطوف على «قوله تعالى» ومثال هذا العموم قوله عليه الصلاة والسّلام