.................................................................................................
__________________
ثم اعترض هذا المحقق على المصنف قدسسرهما بالتناقض ، لابتناء الوجه الثالث على نفي الوضع عن الصغير ، فإثباته له ولو بعنوان جزء السبب يقتضي عموم الوضع للكبير والصغير ، إذ لا فرق في الشمول بين تمام السبب وجزئه (١).
وثالثة بما يظهر من بعض من : أنّ الاشكال الثاني ناظر إلى جريان الحكم الوضعي بالنسبة إلى نفس الصبي ، بخلاف الاشكال الثالث ، لتمحضه في موضوعية إنشاء الصبي لحكم البالغ ، كما إذا عقد على مال الولي بإذنه ، أو توكّل عن الأجنبي في مجرّد إجراء العقد ، فإنّ مقتضى صحّته ترتيب الأثر عليه من قبل الولي أو الموكّل ، وهذا المقدار أجنبي عن رفع القلم عن الآثار المختصّة بالصبي ، هذا.
أقول : ما أفاده المصنف في الاشكال الثاني واضح لا إجمال فيه وإن تطرّق إليه المنع بما سيأتي. وإنّما الكلام في الاشكال الثالث ، فإنّه قدسسره جمع فيه بين أمرين :
أحدهما : موضوعية عقد الصبي للآثار التي يجب على البالغين ترتيبها عليه ، من دون توجّه خطاب إلى نفس الصبي.
ثانيهما : صيرورة الصبي مخاطبا بترتيب آثار المعاملة بمجرّد بلوغه ، وهذا يستفاد من تحديد رفع الأحكام ببلوغه ، لاقتضاء عدم لغويّة التحديد لزوم العمل بمقتضى العقد ووجوب الوفاء به بمجرد البلوغ ، ومن المعلوم توقف فعلية الآثار بالبلوغ على الالتزام بالصحة التأهّليّة في عقد الصبي في حقّ نفسه ، حتى تتوقف سببيته الفعلية لكلّ من الوضع والتكليف ـ أعني بهما الملكية ووجوب الوفاء به ـ على بلوغه ، وإلّا فلو قلنا باختصاص الأحكام الوضعية بالكبار وأسقطنا أقوال الصبي وأفعاله عن اقتضاء التأثير امتنع فعلية الحكم بالبلوغ.
وبهذا قد يشكل ما أفادوه من الفروق بين الإشكال الثاني والثالث.
أمّا ما تقدم من المحقق الأصفهاني قدسسره فلأنّ الاشكال الثالث ليس ناظرا إلى سببية عقد الصبي لخصوص وجوب الوفاء ، وذلك لما في ذيل كلام المصنف قدسسره من صيرورة
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١٠٦.