.................................................................................................
__________________
النصف الآخر امتثالا لأمر المكره ، وبيع النصف برجاء قناعة الآمر المكره ببيع النصف مع عدم الأمارات ـ نظر».
ومنشأ النظر : أنّ ما نحن فيه من قبيل ما لا يعلم إلّا من قبل المدّعي ، فتسمع دعواه. وأنّ الظاهر وقوع هذا العقد باختياره ، فلا تسمع دعواه الإكراه ، وذلك لأنّ الإكراه على المجموع إكراه على بعضه خارجا ، والإكراه بنفسه أمارة على عدم وقوع البيع عن الرضا وطيب النفس.
ونظير ذلك الإكراه في موارد الأحكام التكليفية ، كما إذا أكره الجائر شخصا على شرب مقدار خاص من الخمر ، فشرب نصفه برجاء أن يقنع المكره بذلك ، ويرفع اليد عن إكراهه.
ثانيها : أن يكون بيع النصف لاحتمال اقتناع المكره بذلك ، ورفع اليد عن بيع المجموع. ولا ينبغي الإشكال أيضا في بطلان البيع في هذه الصورة ، لوضوح أن الإكراه على بيع المجموع شامل لبيع كل جزء من أجزاء الدار على نحو الاستغراق فالإكراه على بيع المجموع إكراه على بيع النصف ، فيشمله حديث الرفع الموجب للبطلان. نظير ما لو أكره على بيع دارين فباع إحداهما ، فإنّه لا شبهة في بطلانه ، لوقوعه عن إكراه.
ثالثها : أن يكون المكره عليه بشرط شيء ، ويأتي المكره بالأقل بشرط لا ، كما إذا أكره على بيع نصف عبده بشرط ضمّ النصف الآخر إليه ، فباع نصفه بشرط عدم بيع النصف الآخر ، فقد يتوهم صحة البيع حينئذ ، لأنّ الواقع في الخارج مغاير للمكره عليه.
لكن فيه : أنه إن كان دليل رفع الإكراه حديث الرفع ، فهو غير شامل للمقام ، لعدم كون بيع النصف بشرط لا مكرها عليه ، وإن كان قوله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) فهو شامل له ، لفقدان التراضي وطيب النفس ، فيكون أكل المال بالباطل.
وهذا نظير ما إذا كان ما وقع في الخارج مباينا للمكره عليه ، كما إذا أكره على بيع كتابه فباع رداءه لأهمية كتابه وشدة حاجته إلى الكتاب ، فإنّ بيع الرداء فاسد ، مع أنه لم يكن مكرها عليه ، لكنه لفقدان طيب النفس لا بدّ من بطلانه.