.................................................................................................
__________________
فيه أيضا حديث الرفع. لأنّ بطلان الطلاق مع الرضا وطيب النفس خلاف الامتنان.
ولعلّ مراد العلامة قدسسره هذه الصورة بقرينة قوله : «ناويا» إذ ليس المراد قصد مدلول اللفظ بداهة ، حيث إنّ المكره ليس غافلا ولا هازلا ، بل هو قاصد لاستعمال الألفاظ في معانيها ، فالمراد بالنية قصد إيجاد المعنى المقصود باللفظ ، غاية الأمر مع اقتران هذا القصد الناشئ عن الطيب بالإكراه.
وقد ظهر مما ذكرنا ضعف ما عن المحقق النائيني قدسسره من أنّه «حيث لا يمكن توارد علتين مستقلتين على معلول واحد ، فيصير كل واحدة إذا اجتمعتا جزء السبب ، والفعل يستند إليهما معا. وكل علتين مستقلّتين إذا وردتا على معلول واحد وكان بينهما تدافع فلا يؤثر كل منهما» (١).
وجه الظهور عدم كون الإكراه مقتضيا للفساد ليكون المقام من قبيل توارد العلتين المستقلتين على معلول واحد ، بل الإكراه يعدم مقتضي الصحة ، فمع وجود ما يقتضي الصحة وهو الرضا يصح العقد أو الإيقاع ، هذا.
تنبيه : لا يخفى أنّه لا فرق في بطلان الطلاق عن إكراه بين رجوع الضرر المتوعد به إلى نفس المكره أو إلى عرضه وشرفه أو إلى ماله ، وبين رجوع الضرر إلى غيره ممّن يهمّ أمره المكره كزوجته وولده وخادمه وغيرهم ممّن يتعلق به ، كأن يقول : «طلق زوجتك ، وإلّا قتلتك أو قتلت ابنك أو أخاك».
كما لا فرق بين كون الضرر دنيويا كأن يقول : «طلّق زوجتك وإلّا أخذت مالك أو مال ولدك أو أخيك» وبين كونه دينيا كأن يقول : «طلّق زوجتك وإلّا منعتك أو ولدك أو أخاك عن الصلاة مثلا» فإنّ مفهوم الإكراه ينطبق على الجميع.
__________________
(١) منية الطالب : ج ١ ص ١٩٦.