.................................................................................................
__________________
فإنّ الضرورة الفقهية على نفي استحقاقه للمؤاخذة على أفعاله إلّا ما استثني كالتعزير في السرقة المتكررة. وأمّا غير المميّز فلقضاء العقل القطعي كالنائم والمجنون بقبح مؤاخذته.
هذا مضافا إلى أن نفي فعلية العقاب لا يستلزم نفي التكاليف الإلزامية عن الصغير ، لأعميتها منه ، فالظهار حرام معفوّ عنه كما قيل ، وعليه فليس للمصنف قدسسره استكشاف سقوط التكاليف الإلزامية من رفع المؤاخذة الفعلية.
هذا بناء على ظاهر المتن من رفع فعلية المؤاخذة. وإن أريد من رفع المؤاخذة رفع استحقاقها ـ كما قد يقال وإن كان خلاف الظاهر ـ ففيه : أنّ الاستحقاق حكم عقلي ، فلا يكون موضوعا لرفع القلم التشريعي ، وإن صحّ جعله بلحاظ منشئه وهو الحكم الشرعي موضوعا للرفع ، كما في حديث رفع التسعة. وذلك للفرق بينهما ، حيث إنّ القلم يختص بما يكون شرعيا ، فرفع القلم لا يتعلق بما ليس شرعيا وإن ترتب على حكم شرعي.
ثالثها : ما أفاده المحقق الإيرواني قدسسره ـ في جملة ما أورده على رفع المؤاخذة ـ بما لفظه : «ورابعا : انّا لو سلّمنا عموم الحديث وشموله لرفع كل حكم تكليفي أو وضعي لا يجدي ذلك في صحة الاستدلال بالحديث لرفع التأثير عن إنشاء الصغير ، وذلك أنّ تأثير الإنشاء في حصول عنوان المنشأ ـ كعنوان النكاح والبيع والهبة ـ تأثير تكويني في أمر اعتباري ، فيكون كتأثير سيفه في القطع ، وقلمه في الكتابة وهذا لا يرفعه حديث الرفع. وأمّا رفع الآثار المترتبة شرعا على العناوين المتولدة من إنشائه ، على أن لا يكون البيع الحاصل بإنشائه محكوما بأحكام البيع ، فذلك في البشاعة يساوق القول بعدم ترتيب أحكام الأموات على من مات بسيفه ، أو أحكام المصحف على ما كتب بقلمه ، وهكذا. ومعلوم بالقطع أن حديث الرفع لا يرفع إلّا أحكاما مترتبة بلا واسطة على فعل الصغير ، لا أحكاما مترتبة حتى مع الواسطة» (١).
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١٠٦.