.................................................................................................
__________________
ولكن يمكن أن يقال : بأنّ تنظير إنشاء الصبي بكتابة المصحف والقتل بالسيف غير ظاهر ، فإنّ عقده وإيقاعه وإن فرض تأثيره في الأمر الاعتباري بنظر العقلاء ، إلّا أنّ المهم إحراز إمضائه شرعا بمعنى أنه هل للشارع اعتبار مماثل لما أنشأه الصبي واعتبره العقلاء أم لا ، فلو لا حديث رفع القلم ونحوه كان مقتضى إطلاق أدلة الإمضاء تنفيذ ما أنشأه الصبي. وأمّا لو تمّت دلالة الحديث على سلب عبارة الصغير كان مفاده عدم ترتيب آثار المعاملة ـ التي يرتّبها العقلاء ـ على عقد الصبي.
ولأجله يتسامح في إطلاق السبب على الإنشاء ، والمراد به هو الموضوع والحكم ، لا العلية والمعلولية التكوينيّتان. وهذا بخلاف كتابة المصحف ، فإنّ الموضوع لحكم الشارع بحرمة المسّ هو النقوش الخاصة القرآنية سواء كتبها الكبير أم الصغير.
والحاصل : أنّ جعل الإنشاء مؤثرا تكوينيا في أمر تكويني اعتباري ـ كما تكرّر في كلامه ـ لا يخلو من غموض. هذا بعض ما يتعلق بالإشكال الأوّل.
وأمّا الإشكال الثاني ـ وهو الالتزام بتأثير إنشاء الصبي ، لاشتراك الحكم الوضعي بينه وبين البالغ ـ ففيه ما أفاده المحقق الأصفهاني قدسسره أوّلا : منع أصل النسبة ، فإنّ المشهور وإن التزموا بثبوت الحكم الوضعي ـ في الجملة ـ في حقّ الصغير كما في نفوذ وصيّته وتدبيره وعتقه وصدقته ، إلّا أنّ المشهور أيضا على فساد عقوده ومعاملاته كما تقدم في عبارة الدروس والكفاية ، بل ادّعي عليه الإجماع. ومن المعلوم أنّ تلك الموجبة الجزئية لا تفي بإثبات محل البحث وهو صحة بيعه مطلقا حتى في صورة إذن الولي.
وثانيا : لو سلّمنا صحة النسبة قلنا بمخالفته لمبنى المصنف في الأصول من انتزاع الحكم الوضعي من التكليف ، والمفروض عدم كتابة التكليف عليه فعلا ، ولا يعقل فعلية الأمر الانتزاعي وتعليقية منشئه ، هذا (١).
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١١٤.