«إنا لله وإنا إليه راجعون»
فوجئنا ببالغ الأسى والأسف ـ والكتاب قيد الطبع ـ بالمصاب الجلل والكارثة العظمى ، وذلك بارتحال فقيه الطائفة ، السيد المؤلف قدس سره ، ففجعت أسرة آل الجزائري العريقة في العلم والتدين بفقد عميدها في العصر الحاضر ، بل وفجعت الحوزات العلمية بفقدها أحد أساطين العلم والتقوى ، فصدق قوله عليه السلام :
«إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء»
ففي السحر من ليلة السبت ٢٥ ذي القعدة الحرام ١٤١٩ أفل هذا الكواكب الساطع عن سماء الفقاهة وافدا على ربه الكريم ، فسكن ذلك القلب العطوف ، وسكنت تلك اليراعة التي خلدت لسالكي طريق الإجتهاد ورواد الفضيلة تراثا علميا ومعنويا ضخما. بعد أن قضى زهاء أربعين عاما من عمره الشريف بجوار باب مدينة علم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم متعلما ثم مدرسا ومؤلفا ، وكان أمله أن يشوى في تلك الأرض المقدسة ، لكن قدر له الخروج منها ، وأن ينتقل إلى «دار السلام» في حرم أهل البيت عليهم السلام فيكون مضجعة ومثواه الأخير بجوار سيدتنا فاطمة الصغرى عليها السلام.
وبهذا الفادح الأليم نعزي حامي الشريعة الغراء سيدنا الإمام المنتظر «صلوات الله وسلامه عليه وعجل فرجه الشريف» كما نعزي أسرته الكريمة ، سائلين منه تعالى لهم الصبر والأجر.
وإننا وإن فقدنا شخص المؤلف ، لكنا لم نفقد منتهى هدايته في علمه وتقواه ، وتواضعه وزهده وعزوفه عن الدنيا وزخارفها ، وإعراضه عنها ، فقد جسد قدس سره الاسلام علما وعملا ، عاش سعيدا ومات حميدا ، وجزاه الله عن الاسلام وأهله خيرا.
ونستمد منه تعالى التوفيق لمواصلة منهاجه ، ونشر ما بقي من أجزاء هذه الموسوعة الفقهية الخالدة «هدى الطالب» بل وإعداد سائر مؤلفات الثمينة التي هي حصيلة جهادة العلمي الدؤوب للطبع ، لتكون خدمة أخرى لفقه أهل البيت عليهم السلام ، إنه ولي التوفيق.