أيضا (١) بما ورد في الأخبار المستفيضة من «أن عمد الصبي وخطأه واحد» (١)
______________________________________________________
وعليه ففرق بين أن يقال : «قصد الصبي كلا قصد» وبين «عمد الصبي محكوم بحكم خطأ البالغ» والمجدي في المقام هو المفاد الأوّل ، مع أنه يحتمل إرادة الثاني.
وكيف كان فتقريب دلالة هذه الأخبار المستفيضة ـ التي سيأتي التعرض لها في التعليقة إن شاء الله تعالى ـ أنّ قوله عليهالسلام : «عمد الصبي وخطأه واحد» ظاهر في كون عمد الصبي كالعدم ، وقصده كلا قصد. فلو ترتب الحكم الشرعي على الفعل الإرادي الصادر من البالغ لم يترتب عليه لو صدر من الصبي القاصد. مثلا موضوع الوفاء بالعقد هو العقد المقصود ، فلو أنشأه الصبي المميّز ـ ولو بإذن وليه ـ كان بمنزلة إنشاء البالغ الهازل أو النائم في عدم موضوعيته لوجوب الوفاء به.
فان قلت : إنّ هذه الأخبار ـ لو سلّم ظهورها في سلب عبارة الصبي ـ لم يتجه الاستدلال بها على بطلان عقده ، وذلك لما ورد في بعضها من قرينة الاختصاص بجناية الصبيان ، كقوله عليهالسلام في معتبرة إسحاق بن عمار : «عمد الصبي خطأ يحمل على العاقلة» وعليه فليست في مقام تنزيل عقد الصبي منزلة العدم ، وإنما هو حكم مخصوص ببابي القصاص والديات. مضافا إلى أن صاحب الوسائل رواها في البابين المذكورين.
قلت : هذه الطائفة مشتملة على مضامين ثلاثة ، ومحطّ النظر هو معتبرة محمّد بن مسلم المذكورة في المتن ، وهي مطلقة ولا قرينة فيها على الاختصاص بباب الجناية. وليس المقام من موارد حمل المطلق على المقيد ، خصوصا بعد استظهار إطلاق تنزيل عمد الصبي منزلة خطأ البالغ في كلمات شيخ الطائفة وابن إدريس كما سيأتي التعرض له. وأمّا ذكر هذه الأخبار في باب الديات لمناسبة فليس دليلا على الاختصاص كما لا يخفى.
(١) يعني : كما استدلّ بحديث رفع القلم ، وعدم جواز أمر الصبي ، وإن كانت الدلالة ممنوعة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٩ ، ص ٣٠٧ ، الباب ١١ من أبواب العاقلة ، ح ٢.