أو سياق التحديد (١) على أنّ غير التجارة عن تراض
______________________________________________________
ومحصّله : أنّ مفهوم الحصر الحاصل من عقد سلبيّ وهو عدم صحة التجارة بدون التراضي ، وعقد إيجابي ـ وهو صحة التجارة عن تراض ـ يدلّ على انحصار التجارة الموجبة لجواز التصرف في الأموال في التجارة عن تراض ، وأنّ انتفاءها يوجب عدم جواز أكل أموال الناس ، وأنّ أكلها حينئذ أكل لها بالباطل. فيستفاد من الآية المباركة أنّه لا يجوز التصرف في أموال الناس بوجه من الوجوه إلّا بالتجارة المقرونة بالتراضي. ومن المعلوم أنّ عقد الفضولي ليس من التجارة عن تراض ، فلا يوجب جواز أكل أموال الناس.
(١) أي : تحديد التجارة بتقييدها ب «عَنْ تَراضٍ» وهذا ثاني تقريبي الاستدلال بالآية الشريفة على بطلان عقد الفضولي. وتوضيحه : أنّ الآية المباركة في مقام تحديد السبب الموجب لحلّ أكل أموال الناس ، وهذا التحديد يستفاد من تقييد التجارة بالتراضي ، فإنّ القيود الواردة في مقام التحديد ـ الذي لازمه الجامعيّة والمانعيّة ـ لها مفهوم ، وإن لم يكن لها مفهوم في سائر الموارد ، كتحديد مفهوم الماء والفرسخ والكرّ ، وغير ذلك من التحديدات الشرعية ، فإنّ جميع القيود المذكورة فيها تدلّ على الحصر.
ثم إن تقريب الاستدلال بمفهوم الحصر والقيد مذكور في المقابس ، حيث قرّب دلالتها بوجهين على البطلان ، فقال في جملة كلامه : «فإنّها تدلّ أبلغ دلالة على بطلان غير التجارة الصادرة عن التراضي ، ولذلك سمّى ما عداها باطلا. والمعنى : لا يتصرّف بعضكم في أموال بعض بوجه من الوجوه ، فإنه باطل ، إلّا بوجه التجارة المذكورة. ولو لم يقصد ذلك لزم الاجمال وقلّة الارتباط بين المستثنى والمستثنى منه ، فينبغي رفع ذلك بحسب الإمكان. والتجارة هي العقد لا التوكيل فيه ، أو الإجازة له. والتراضي عبارة عن تراضي المالكين ، إذ لا عبرة برضا غيرهما. ومعنى كون التجارة عن تراض أن تكون صادرة وناشئة عنه بالمباشرة أو الوكالة وما في حكمها ،