.................................................................................................
__________________
والمجنون ، لأنّهما مسلوبا العبارة في وعاء التشريع ، فلا محذور في الأخذ بعموم العلة في سائر الموارد ، هذا.
لكن الظاهر عدم تمامية شيء من التقريبين.
أمّا كونه علّة لثبوت الدية على العاقلة ، ففيه : عدم الملازمة بينهما فضلا عن العليّة. نعم ثبت في الشريعة المقدسة أنّ دم المسلم لا يذهب هدرا ، لكنه لا يلازم ثبوت الدية على العاقلة ، لإمكان أن تكون الدية على جميع المسلمين ، أو بيت المال ، أو غير ذلك.
وأمّا كونه معلولا لقوله : «عمده خطأ».
ففيه : ـ مضافا إلى عدم اقترانه بما يفيد العلية في مقام الإثبات كلفظة «لأنّ» أو «فان» ـ أنّه إن أريد كون العمد خطاء تكوينا فلا بأس بعليّته لرفع القلم ، لأنّه بعد فرض عدم صدور الفعل العمدي عن الصبي لا يصلح فعله لأن يكون موضوعا شرعا للأثر. لكن الأمر ليس كذلك ، لكونه كذبا.
فلا بد أن يكون عمده خطاء تنزيلا لا تكوينا ، بمعنى : أنّ الشارع نزّل عمد الصبي منزلة الخطاء ، بأن يراد من التنزيل نفي آثار العمد كالقصاص وشبه العمد كالدية الثابتة في مال الجاني خطأ ، وترتيب آثار الخطاء المحض بالنسبة إلى غير الفاعل. وذلك منحصر بالجنايات ، لأنّها هي التي تترتب على أقسامها الثلاثة ـ من العمد وشبهه والخطأ المحض ـ أحكام خاصة.
وإن شئت فقل : إنّ وجه المناسبة بين قوله عليهالسلام : «رفع عنهما القلم» وبين قوله عليهالسلام : «عمدهما خطاء» هو أنّ تنزيل عمد الصبي منزلة خطائه متقوم بأمرين :
أحدهما : حكم سلبي ، وهو عدم ترتب أحكام العمد ـ من القصاص والدية في ماله ـ على فعله ، وعدم إلزام الصبي بشيء من أفعاله.
والآخر : حكم إيجابي ، وهو ترتب أحكام الفعل الخطائي على فعله في خصوص ما إذا كان متوجّها إلى الغير كالعاقلة ، لا إلى الصبي.