.................................................................................................
__________________
وثانيا : أنّ هذا البناء ـ مع فرض اعتبار دخول أحد العوضين في ملك من خرج العوض الآخر عن ملكه في حقيقة البيع ـ لا يفيد شيئا ، لأنّ مجرّد هذا البناء لا يوجب الدخول في الملك حقيقة ، إذ ليس هذا البناء مملّكا ، لا شرعا ولا عرفا.
فالحق إن يقال : انّ البيع ليس إلّا تبديل مال بعوض. وأمّا دخول كل من المالين في ملك من خرج المال الآخر عن ملكه فليس بمعتبر فيه ، كما إذا كان العوضان أو أحدهما وقفا. فالبيع يتحقق حقيقة بقصد هذا التبديل وإن كانت عبارة القبول «تملّكت أو ملكت» فإنّ التملك من لوازم التبديل إن لم يكن العوضان أو أحدهما وقفا ، وقصد اللازم يستلزم قصد الملزوم وهو التبديل ، فإذا أجاز مالك الثمن هذا التبديل صحّ الشراء ، لأنّه وليّ أمر هذا الشراء ، فإن أطلق الإجازة كان المثمن له ، لأنّه مقتضى إطلاق ولايته على الشراء بماله.
وإن قيّده ، وقال : «أجزت هذا الشراء للمشتري الفضولي» كان المثمن للفضولي. ولا يقدح هذا في صدق البيع الذي هو تبديل عين بعوض. إذ قد عرفت عدم اعتبار دخول كلّ من العوضين في ملك من خرج العوض الآخر عن ملكه في حقيقة البيع. بل حقيقة البيع في كلتا صورتي إطلاق الإجازة وتقييدها ثابتة.
وثالثا : أنّ تقييدية جهة المالكية ـ بعد تسليمها ـ لا تقتضي وقوع العقد للمالك الأصلي بالإجازة ، إذ الغاصب لا يقصد تملّك مطلق المالك ، بل يقصد تملك مالك خاص ، وهو نفسه ، بحيث لا يقبل الانطباق على المالك الحقيقي حتى يقع له العقد بالإجازة.
ونزيد هنا توضيحا ، فنقول وبه نستعين : إنّ مجرّد الجهة التقييدية لا يوجب سراية حكم ثابت لفرد من أفراد تلك الجهة إلى سائر أفرادها مطلقا وفي جميع الموارد ، بل السراية إليها منوطة بقابلية ذلك الحكم للسراية. فإذا قال : «أعطيت أجرة زيدا البنّاء لبنائه داري» فإنّه لا يدلّ على إعطاء أجور سائر من بنى له من البنّائين. بخلاف ما إذا قال :