وأمّا الثاني (١) فلما عرفت (٢) من منافاته ، لحقيقة البيع التي هي المبادلة (*) ولذا (٣) صرّح العلّامة رحمهالله في غير موضع من كتبه تارة «بأنّه لا يتصور» واخرى «بأنه لا يعقل أن يشتري الإنسان لنفسه بمال غيره شيئا» (١).
______________________________________________________
(١) يعني : وأما النظر في الوجه الثاني الذي ذكره المصنّف قدسسره في (ص ٥٩١) بقوله : «الثاني أنه لا دليل على اشتراط كون أحد العوضين ملكا للعاقد .. إلخ».
(٢) في أوّل كتاب البيع ، حيث قال : «وهو في الأصل كما عن المصباح المنير مبادلة مال بمال» فإنّ المبادلة بين المالين وعوضيّة كل منهما عن الآخر قد أخذت في مفهوم البيع وحقيقته ، فلا بدّ من كون العوضين من المتعاقدين ، لا أنّ أحد العوضين من أحدهما ، والآخر من أجنبي.
(٣) يعني : ولكون ما ذكره البعض ـ من عدم اشتراط كون أحد العوضين ملكا للعاقد ـ منافيا لحقيقة المعاوضة صرّح العلّامة رحمهالله الى آخر ما ذكره.
ولم أظفر في القواعد والتذكرة بتصريحه بعدم المعقولية في مسألة الشراء لنفسه بمال الغير ، وإنّما عبّر العلامة بالبطلان. نعم ورد التعبير بعدم التصور في مسألة إذن الراهن للمرتهن بيع العين المرهونة ، فقال قدسسره : «ولو قال : بعه لنفسك بطل الإذن ، لأنّه لا يتصور أن يبيع ملك غيره لنفسه ..» (٢) ونحوه ما في رهن التذكرة.
__________________
(*) قد أشرنا سابقا إلى أنّ حقيقة البيع هي تبديل عين بعوض ، في مقابل الهبة التي حقيقتها تمليك مجّاني ، من غير أن يكون فيها تبديل مال بمال. ولا يقتضي مفهوم المبادلة خروج كل من العوضين عن ملك خصوص المتعاقدين. نعم إطلاق المبادلة يقتضي ذلك.
__________________
(١) قواعد الأحكام ، ج ٢ ، ص ٨٧ ، تذكرة الفقهاء ، ج ١ ، ص ٤٧٣ ، السطر ٧ وج ٢ ، ص ٣٢ ، السطر ١٣
(٢) قواعد الاحكام ، ج ٢ ، ص ١٢٧ ، ونحوه ما في تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٣٢ السطر ١٣.