لنفسه غاصبا فقد حكم الأصحاب ـ على ما حكي عنهم (١) ـ بأنّ المالك لو ردّ فليس للمشتري الرجوع على البائع بالثمن.
______________________________________________________
توضيحه : أنّه مع علم المشتري بغصبية المبيع وعدم استحقاق البائع للثمن ـ الذي هو بدل المبيع في كلتا صورتي الرّد والإجازة ـ لا يتحقق المعاوضة حينئذ ، ويكون البيع بلا ثمن ، إذ لا يتصور قصد المشتري للمعاوضة مع العلم بعدم استحقاق البائع للثمن ، لكونه غاصبا للمبيع. فدفع الثمن إلى البائع تمليك مجاني وبلا عوض ، أي : هبة. ومن المعلوم أنّ إجازة المالك لا تجدي في تبديل التمليك المجّاني بالبيع.
والحاصل : أنّ مناط هذا الاشكال المختص بعلم المشتري بغصبية المبيع هو عدم تمشّي قصد المعاوضة الحقيقية ، وأنّ دفع الثمن إلى البائع تسليط مجّاني له على الثمن ، وليس عوضا عن المبيع ، هذا.
وقد دفعه المصنف قدسسره بأنّ بناء كلّ من البائع الغاصب والمشتري العالم بغصبية المبيع على مالكية البائع يوجب قصد المعاوضة ، وصيرورة الثمن بدلا عن المبيع ، فلا يكون بذل الثمن تسليطا مجّانيا حتى يصير البيع بلا ثمن.
(١) ظاهره حكاية إجماع الأصحاب على الحكم ، والمدّعي له هو العلّامة وفخر المحققين وغيرهما. قال في المختلف : «إذا رجع ـ أي المالك ـ على المشتري ، قال علماؤنا : لم يكن للمشتري الرجوع على الغاصب البائع ، لأنّه علم بالغصب ، فيكون دافعا للمال بغير عوض ، وأطلقوا القول في ذلك. والوجه عندي التفصيل ، وهو : أن الثمن إن كان موجودا. قائما بعينه كان للمشتري الرجوع به. وإن كان تالفا فالحقّ ما قاله علماؤنا» (١).
__________________
(١) مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ٥٥ و ٥٦ ، ونحوه في تذكرة الفقهاء ، ج ١ ، ص ٤٦٣ ، نهاية الأحكام ، ج ٢ ، ص ٤٧٨ ، إيضاح الفوائد ، ج ١ ، ص ٤١٨ ، جامع المقاصد ، ج ٤ ، ص ٧١ ، وكذلك لاحظ مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ١٩٣