سلّم حقّي إلى هذا الصبي ، فسلّم مقدار حقه إليه لم يبرء عن الدين ، وبقي المقبوض على ملكه ، ولا ضمان (١) على الصبي ، لأنّ المالك ضيّعه حيث دفعه إليه ، وبقي الدين ، لأنّه (٢) في الذمة ، ولا يتعيّن إلّا بقبض صحيح ، كما لو (٣) قال : إرم حقي في البحر ، فرمى مقدار حقّه. بخلاف (٤) ما لو قال للمستودع : سلّم مالي إلى
______________________________________________________
كالعدم ، فلا يترتب عليه ما يترتب على قبض البالغ من تعين الكلّي الذمّي في المقبوض.
ولو تلف المال بيد الصبي لم يضمنه ، بل يتلف من مال المديون الذي ضيّع ماله بدفعه إلى الصبي.
وعليه فقبض الطفل لا يوجب تعيّن الكلي الذمي في المقبوض. كما أنّ الخمس لا يتعيّن إلّا بقبض صحيح من المستحق أو وليه أو وكيله ، فلا تفرغ الذمة لو دفعه إلى من زعم استحقاقه ، فبان عدمه واقعا.
وحيث إنّ الإلقاء في البحر ليس قبضا للدين إلى الدائن ـ ما لم يرجع إلى التوكيل في القبض ثم الرمي فيه ـ فالكليّ المملوك للدائن باق في ذمة المديون.
وهذا بخلاف الأمر بإلقاء عين شخصية في البحر أو تسليمها إلى الصبي ، كما في الوديعة ، فلو قال المودع للمستودع : «سلّم حقّي إلى هذا الطفل» ففعل الودعي لم يكن عليه شيء ، لفرض كون العين الشخصية ملكا للمودع ، من دون توقف ملكيته لها على القبض الصحيح. ولمّا كان المالك سلطانا على ماله جاز له الإذن في إتلافه أو إقباضه من الصبي ، وهذا هو الفارق بين العين الشخصية والكلية.
(١) يعني : لا ضمان على الصبي لو تلف عنده أو أتلفه. والوجه في عدم الضمان استناد التضييع إلى المالك الدافع ماله إلى صبيّ أسقط الشارع قبضه عن الاعتبار.
(٢) أي : لأنّ الدّين كلّي في ذمة المديون ، ويتوقف الفراغ منه على قبض صحيح منتف حسب الفرض.
(٣) غرض العلامة قدسسره تنظير عدم تعيين الحق ـ بقبض الصبي ـ بالأمر بإلقاء مقدار من المال في البحر.
(٤) هذا بيان الفارق بين العين الشخصيّة والكلية ، وقد عرفته آنفا.