ويؤيّد ذلك (١) ما يرى من استمرار سيرتهم على عدم الفرق بين المميّزين وغيرهم ، ولا بينهم وبين المجانين ، ولا بين معاملتهم لأنفسهم بالاستقلال ـ بحيث لا يعلم الولي أصلا ـ ومعاملتهم (٢) لأوليائهم على سبيل
______________________________________________________
كالقمار والرّشى وحلق اللحى والكذب والغيبة ونحوها ، فهل تكون هذه ممضاة حتى تعدّ حجة على الحكم الشرعي؟
(١) أي : ويؤيد كون السيرة ناشئة من عدم المبالاة في الدين. وجه التأييد :
أنّ سيرة المسلمين استمرّت على أمور لا سبيل للالتزام بها.
منها : التعويل على معاملة الصبيان ، سواء بلغوا حدّ التمييز أم لا.
ومنها : التسوية بين الأطفال وبين المجانين في الاعتماد على معاملاتهم.
ومنها : الاعتماد على معاملة الأطفال سواء عاملوا بأموال أنفسهم ـ أي مستقلّا ـ بحيث لا يعلم أولياؤهم بما يفعلون ، أم عاملوا للأولياء ، بأن كان الصبيان آلات لهم.
مع أنّه لا شك في سقوط هذه السير العملية عن الاعتبار شرعا ، إذ لا أقل من حجر المجنون والصبي ، فكيف يستقل كل منهما في التصرف؟
والظاهر أن الوجه في جعل هذه السيرة الفاسدة مؤيّدة لا حجّة هو : أنّ الغرض إسقاط السيرة التي اعتمدها السيّدان الجليلان صاحبا الرياض والمفتاح. ويكفي في وهنها قوة احتمال صدورها من أهل التسامح بأحكام الشرع. وأمّا سيرتهم على تسوية المجنون والطفل ونحوهما فهي وإن كانت فاسدة قطعا ، إلّا أنّه لا تلازم بين وهن هذه وبين وهن سيرتهم على قبول معاملة الصبي فيما جرت به العادة بشرط كونه آلة للولي ، فيمكن التفكيك بحجّيّة إحدى السيرتين دون الأخرى. نعم لا بأس بالتأييد من جهة المماثلة.
(٢) بالجر معطوف على «بين معاملتهم» يعني : استمرار سيرتهم على عدم الفرق بين معاملتهم لأنفسهم بالاستقلال ، وبين معاملتهم لأوليائهم على نحو الآلية.