.................................................................................................
__________________
وثانيا : بأنّ المراد بكسب الغلام إمّا معناه المصدري ، وإمّا معناه الاسم المصدري وهو المال المكسوب. فإن أريد به الأوّل فمعناه مباشرة الصبي للتجارة عند احتياج وليّه إلى ذلك ، لكن هذه المباشرة تبعيّة لا استقلالية ، فيكون الصبي بمنزلة الآلة لوليه في إيجاد المعاملة بينه وبين المشتري. والقرينة على إرادة هذا المعنى قوله عليهالسلام في صدر الرواية : «نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن كسب الإماء ، فإنّها إن لم تجد زنت». مع أنّه لا شبهة في نفوذ كسب الأمة بإذن مولاها.
وأنت خبير بما فيه ، حيث إنّ التقييد باحتياج الولي غير ظاهر من الكلام ، بل لا بدّ من استفادته من الخارج. مع أنّه بعد تسليمه بكون الصبي مأذونا في إنشاء المعاملة كمأذونيّة البالغ فيه ، فجعل الصبي آلة غير ظاهر. بل الصبي ينشئ المعاملة بإذن الولي كإنشاء البالغ الوكيل عنه للمعاملة.
وإن أريد به الثاني ـ أي المال الذي يكتسبه الصبي ـ فالمراد به المال الذي يحصّله بالالتقاط أو الاستعطاء أو حيازة المباحات أو العمل بأمر الغير ممّا لا يكون عقدا ، فلا يشمل المال الذي يحصّله الصبي بالعقد ، فلا يدلّ على صحة عقد الصبي كما هو المقصود.
لكن فيه أيضا : أنّ هذا الحمل مما يأباه الإطلاق.
وعليه فدلالة هذه الرواية على نفوذ معاملات الصبي ظاهرة كما لا يخفى.
وقد استدل أيضا على هذا القول بقوله تعالى (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) (١) فإنّ الظاهر من الابتلاء هو الامتحان والاختبار بالمعاملات على الأموال حتى يتبين رشدهم. ولا وجه لحملها على الابتلاء بمقدمات العقد من المقاولة أو على المعاملات الصورية التمرينية كعباداته على ما عن جماعة ، لكونه خلاف الظاهر من غير موجب. كما أنّ ظاهرها كون الابتلاء قبل
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ٦.