لا نسخ فى شريعة موسى ، وحكم التوراة باق إلى انقراض العالم. وقالوا : إنّ النسخ (١) دليل على البداء (٢) والنّدامة ، ولا يليق بالحكيم ذلك. هذا مقالهم ، وتحريف التوراة فعالهم. يحرّفون الكلم (٣) عن مواضعه ، ويلبسون الحقّ بالباطل ، ويشترون بآيات الله ثمنا قليلا : ولهذا قال تعالى فى حقّهم : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ (٤) أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ).
وصنف ثان من أهل الإسلام. وهم الرافضة (٥) فإنهم وافقوا اليهود فى هذه العقيدة ، وقالوا : ليس فى القرآن ناسخ ولا منسوخ ، وقبيح بالحكيم أن يبطل كلامه.
فهم بكلامه (٦) يوادّون من حادّ الله (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ (٧) النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ).
وأمّا أهل السنّة وجماهير طوائف المسلمين فقد أثبتوا النسخ ، وأنّ القرآن مشتمل على الناسخ والمنسوخ ، وأنّ الحكمة الرّبانية تقتضى ذلك ، لأنّ الله تعالى ربّ الأرباب ، ومالك الملوك ، ومتصرّف فى الأعيان ، متحكّم فى الأشخاص ، ونعته وصفته : أحكم الحاكمين ، وطبائع الخلق مختلفة ؛ والأزمنة ، والأوقات متفاوتة ، وبناء عالم الكون والفساد على التغيير والتحوّل. وأىّ حكمة أبلغ وأتمّ من حكمة عدل على وفق طبائع الناس
__________________
(١) ب : «الناسخ».
(٢) هو استصواب شىء علم بعد أن لم يعلم.
(٣) فى ب : «الكل» وسقطت الكلمة فى أ.
(٤) الآية ٣ سورة الصف وفى الحق أن الآية فى خطاب المؤمنين فقبلها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ).
(٥) أ : «الرفضة» والرافضة فرقة من الشيعة بايعوا زيد بن على ثم قالوا له تبرأ من الشيخين أبى بكر وعمر فأبى فرفضوه.
(٦) سقط فى أ.
(٧) الآية ٨٢ سورة المائدة.