الطلبة. فلمّا دخل المجد على السلطان وقدّم إليه الكتاب أجازه بثلاثة آلاف دينار.
ولم تكن هذه الطريقة فى رفع الكتاب إلى السلطان غريبة فى بلاد اليمن. فيحكى صاحب العقود (١) اللؤلؤية أن سلف المجد فى قضاء الأقضية الجمال الريمىّ فى سنة ٧٨٨ رفع كتاب «التفقيه فى شرح التنبيه» فى فروع الشافعية ، إلى السلطان ـ وكان فى أربعة وعشرين جزءا ـ فحمله المتفقّهة على رءوسهم إلى باب السلطان. وقد حباه السلطان بثمانية وأربعين ألف درهم.
وقد بلغ من اعتزاز الأشرف به وحرصه ألّا يفارقه أبدا أن طلب إليه المجد أن يأذن له بالسفر إلى الحجّ ، فرأى أن فى هذا حرمانا للبلاد من علمه وفضله ، وعزم عليه أن يبقى إلى جانبه.
فلقد كتب إلى السلطان فى سنة ٧٩٩ كتابا فيه : «وممّا (٢) ينهيه إلى العلوم الشريفة أنه غير خاف عليكم ضعف أقلّ العبيد ، ورقّة جسمه ، ودقّة بنيته ، وعلوّ سنّه. وقد آل أمره إلى أن صار كالمسافر الذى (٣) تحزّم وانتعل (٤) ، إذ وهن العظم ، بل والرأس اشتعل ، وتضعضع السّن ، وتقعقع (٥) الشنّ. فما هو إلّا عظام فى جراب ، وبنيان مشرف
__________________
(١) ج ٢ ص ١٨٨.
(٢) من الضوء اللامع فى ترجمته ، وازهار الرياض ٣ / ٤٥.
(٣) كانه يريد : كالذى تهيأ للقاء الله بالموت.
(٤) كذا فى الأزهار. وفى الضوء : «انتقل»
(٥) الشن : القربة الصغيرة البالية ، وتقعقع الشن ما يسمع من صوته اذا حرك لقدمه. وهو كناية عن القدم والبلى.