وهو قوله : (وَتَرَى) وقبله وبعده جمع ، وهو قوله : (لِتَأْكُلُوا) و (تَسْتَخْرِجُوا) و (لِتَبْتَغُوا). وفى الملائكة : (تَأْكُلُونَ) و (تَسْتَخْرِجُونَ) ، (لِتَبْتَغُوا) ومثله فى القرآن كثير ، منه (كَمَثَلِ (١) غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا) وكذلك (تَراهُمْ (٢) رُكَّعاً سُجَّداً). (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) (٣) وأمثاله. أى لو حضرت أيها المخاطب لرأيته فى هذه الصفة ؛ كما تقول : أيها الرجل ، وكلكم ذلك الرجل ، فتأمل فإن فيه دقيقة.
قوله : (وَإِذا (٤) قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) وبعده : (وَقِيلَ (٥) لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) إنما رفع الأول ؛ لأنهم أنكروا إنزال القرآن ، فعدلوا عن الجواب ، فقالوا : أساطير الأولين. والثانى من كلام المتقين ، وهم مقرّون بالوحى والإنزال ، فقالوا : خيرا ، أى أنزل خيرا ، فيكون الجواب مطابقا ، و (خَيْراً) نصب بأنزل. وإن شئت جعلت (خَيْراً) مفعول القول ، أى : قالوا خيرا ولم يقولوا شرّا كما قالت الكفّار. وإن شئت جعلت (خَيْراً) صفة مصدر محذوف ، أى قالوا قولا خيرا. وقد ذكرت مسألة (ما ذا) فى مواضعه.
قوله : (فَلَبِئْسَ (٦) مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) ليس فى القرآن نظيره للعطف بالفاء على التعقيب فى قوله : (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) واللام للتأكيد تجرى
__________________
(١) الآية ٢٠ سورة الحديد.
(٢) الآية ٢٩ سورة الفتح.
(٣) الآية ٧٥ سورة الزمر.
(٤) الآية ٢٤.
(٥) الآية ٣٠.
(٦) الآية ٢٩.