التى تجب مراعاتها فى العلم والعلماء. فإن لكل علم حدّا لا يتجاوزه ، ولكل عالم ناموسا لا يخلّ به.
فمن الوجوه المغلّطة (١) أن يظنّ فى العلم فوق غايته ؛ كما يظنّ بالطبّ أنه يبرئ جميع الأمراض ؛ وليس كذلك ، فإن كثيرا من الأمراض لا يبرأ بالمعالجة.
ومنها أن يظنّ بالعلم فوق مرتبته فى الشرف ؛ كما يظنّ بالفقه أنه أشرف العلوم على الإطلاق ؛ وليس كذلك ؛ فإنّ التوحيد والعلم الإلهى أشرف منه قطعا.
ومنها أن يقصد بالعلم غير غايته ؛ كمن يتعلّم علما للمال والجاه ؛ فإن العلوم ليس الغرض منها الاكتساب ، بل الغرض منها الاطّلاع على الحقائق ، وتهذيب الخلائق. على أنّه من تعلّم علما للاحتراف لا يكون عالما ، بل يكون شبيها بالعلماء.
ولقد كوشف علماء ما وراء (٢) النهر بهذا العلم وفظعوا (٣) به ، لمّا بلغهم بناء المدارس ببغداد ، وأصفهان ، وشيراز ، أقاموا (٤) مأتم (العلم (٥) وقالوا : كان) العلم يشتغل به أرباب الهمم العليّة ، والأنفس الزكيّة ، الذين كانوا يقصدون العلم لشرفه ، ولتحصيل الكمال به ، فيصيرون علماء ينتفع
__________________
(١) كذا فى ب. وفى ا : «المغلظة» تصحيف
(٢) ما وراء النهر هى البلاد التى تقع وراء نهر جيحون بخراسان (معجم البلدان)
(٣) فى ا ، ب : «يطفوا» والظاهر ما أثبت ، اى استنكروه. يقال : فظع بالأمر اذا هاله وغلبه وفى كشف الظنون ١ / ١٥ (طبعة بولاق): «نطقوا»
(٤) ب : «قاموا» وقوله : «ماتم» فى ا. ب «قائم» والتصحيح من كشف الظنون فى الموطن السابق
(٥) سقط ما بين القوسين فى أ