بهم ، وبعلمهم وإذا صار عليه أجرة تدانى (١) إليه الأخسّاء والكسالى ، فيكون ذلك سببا لارتفاعه.
ومن هاهنا هجرت علوم الحكمة ، وإن كانت شريفة لذاتها ؛ قال الله تعالى : (وَمَنْ (٢) يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) وفى الحديث (كلمة (٣) الحكمة ضالّة كلّ حكيم) وفى لفظ (ضالّة المؤمنين ، فاطلب ضالّتك ولو فى أهل الشرك) أى المؤمن يلتقطها حيث وجدها ؛ لاستحقاقه إياها. وفى بعض الآثار (من عرف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار).
ومن الأمور الموجبة للغلط أن يمتهن العلم بابتذاله إلى غير أهله ؛ كما اتّفق فى علم الطبّ ؛ فإنه كان فى الزّمن القديم حكمة موروثة عن النبوّة ، فهزل حتّى تعاطاه بعض سفلة اليهود ، فلم يتشرفوا (به) (٤) بل رذل بهم.
وقد قال أفلاطون : إن الفضيلة تستحيل رذيلة فى النّفس الرّذلة ؛ كما يستحيل الغذاء الصّالح فى البدن السّقيم إلى الفساد. والأصل فى هذا كلمة النبوّة القديمة (لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم).
ومن هذا القبيل الحال فى علم أحكام النجوم ؛ فإنه ما كان يتعاطاه إلّا العلماء ، تشير (٥) به للملوك ونحوهم ، فرذل حتّى صار لا يتعاطاه
__________________
(١) ب : «تدالى» وهو محرف عن «تدلى»
(٢) من الآية ٢٦٩ سورة البقرة.
(٣) سقط فى ب
(٤) سقط فى أ
(٥) سقط فى أ