وأورد الاستاذ دام بقاه : بأن دلالة الآية على ترتب العذاب على مخالفة الأمر ـ بما هو أمر ـ ظاهرة من دون أيّة قرينةٍ أو عناية ، ولذا استفاد الشيخ والطبرسي (١) في تفسيريهما ، وكذا كبار الاصوليين ، دلالة الآية على الوجوب ... وهكذا الكلام في الحديث ، وكلامنا في دلالة أوامر الكتاب والسنّة.
فإن قلت : فقد ورد أن الأمر منه ما هو فرض ومنه ما هو نفل.
قلت : لكنّ الكلام في ثبوته.
والحاصل : عدم تمامية جواب صاحب (الكفاية).
* وأجاب المحقّق العراقي رحمهالله (٢) : بأنّ الاستدلال بالآية والرواية موقوف على القول بتقدّم التخصّص في مورد دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص ، وهو باطلٌ ، لعدم وجود أصل في المقام المزبور يقتضي ذلك. وما قيل من أنّه مقتضى أصالة العموم ، ففيه : إن مدرك جريان الأصل المذكور هو السيرة العقلائيّة ، وهي هنا منتفية ومفقودة.
وأمّا انطباق تلك الكبرى على ما نحن فيه ، فهو من جهة أنّ عدم ترتّب العذاب والفتنة على مخالفة الأمر الندبي ، لا يُعلم هل هو من جهة عدم وجود الأمر في مورد الاستحباب فالخروج موضوعي ، أو أنه يوجد الأمر لكنّه مخصّص.
قال شيخنا دام بقاه : إنّ هذا الجواب وإنْ كان دقيقاً وقد ارتضاه بعضهم ، لكن لا يمكن المساعدة عليه.
فأجاب في الدورة السّابقة بعدم ابتناء الاستدلال بالآية والرواية على
__________________
(١) التبيان في تفسير القرآن ٧ / ٤٦٦. مجمع البيان في تفسير القرآن ٧ / ٢٠٨ الأعلمي.
(٢) نهاية الأفكار ١ / ١٦١ ـ ١٦٢.