إمّا دعوى التبادر. وهي مردودة ، لأنّ المفروض عدم انسباق الوجوب من حاق لفظ مادّة الأمر أو صيغته.
وامّا دعوى الظهور الإطلاقي. أي انصراف المادّة أو الصيغة إلى الوجوب ، وقد ظهر عدم تماميّة هذه الدعوى عند الكلام على تقريب المحقق العراقي.
أقول : وبذلك يظهر التأمّل في كلام السيّد الاستاذ ، فإنّه ـ بعد أنْ ذكر أن صحّة تقسيم الأمر إلى الإيجاب والندب دليل على كون اللفظ موضوعاً للأعم من الطلب الوجوبي والندبي ، وأنّ صحة مؤاخذة العبد بمجرَّد مخالفة الأمر ظاهرة في ظهور الأمر في الوجوب ـ قال : «ويمكن الجمع بالالتزام بوضع لفظ الأمر للأعمّ مع الالتزام بأنه ينصرف مع عدم القرينة إلى الطلب الوجوبي والإلزامي وينسبق إليه ، فيتحفَّظ على ظهور كلا الأمرين المزبورين ـ أعني التقسيم والمؤاخذة ـ وتكون النتيجة موافقة لمدّعى صاحب (الكفاية) وإنْ خالفناه في المدّعى والموضوع له» (١).
وامّا دعوى السيرة العقلائيّة ، بأنها قائمة على استفادة الوجوب عند عدم القرينة على الرخصة ... ولا ريب في وجود هذه السيرة ، فإنّهم يحملون أوامر المولى ـ مع عدم القرينة على الرخصة ـ على الوجوب ، ويرون استحقاق العقاب على المخالفة ... وقد ذكر المحقق الأصفهاني في المعاملات أن منشأ هذه السيرة هو حفظ الامور المعاشيّة ، ويبقى إمضاء الشارع المقدس لهذه السيرة ، وذلك ثابت بوضوح من الرواية التالية :
الصدوق قدسسره بإسناده عن زرارة ومحمّد بن مسلم قالا : «قلنا
__________________
(١) منتقى الاصول ١ / ٣٧٦.