وعلى الجملة ، فالدليل الصحيح ـ في صيغة الأمر ـ هو السيرة ، وعلى المختار ، فلا إشكال في الجمع الدلالي ، وهذه السيرة ممضاة ، وقد ذكرنا النص الدالّ على الإمضاء ، ويوجد في الأخبار ما يدل على ذلك أيضاً غيره كالرواية التالية :
عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع».
فقد نزّل العمرة بمنزلة الحج الذي قال الله فيه (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ولسانه لسان الإيجاب ، فتكون العمرة واجبة كذلك ، وعلّل الوجوب بقوله : «لأن الله يقول : (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ)(١) فكان الاستدلال بصيغة الأمر وهو «أتمّوا».
وسند الرواية معتبر بلا إشكال.
وإذا كانت السّيرة على دلالة الصيغة على الوجوب ممضاة ، فهي في دلالة المادّة عليه ممضاة بالأولويّة القطعيّة ، وإنْ كانت النصوص مختلفة :
فعن أبي بصير قال : «سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : إن الناس أكلوا لحوم دوابّهم يوم خيبر ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بإكفاء قدورهم ونهاهم عنها ولم يحرّمها» (٢).
فقد يستظهر من هذه الرواية عدم دلالة مادّة الأمر على الوجوب فتأمّل ، والسند صحيح.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٠ / ٢٣٤ الباب ١ من أبواب العمرة رقم ٨.
(٢) التهذيب ٩ / ٤١.