اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١٥ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

وقد تقدم حكم «ما» إذا اتصلت ببئس مشبعا في البقرة (١).

فصل

لما بين حسن التكليف بقوله : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) بين أن من كلف بشيء ولم يأت به يعذب ، وإن لم يعذب في الحال فسيعذب في الاستقبال ، ولا يفوت الله شيء في الحال ولا في المآل.

فقوله : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) يعني الشرك «أن يسبقونا» أي يعجزونا ويفوتونا ، فلا نقدر على الانتقام منهم (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) بئس ما حكموا حين ظنوا ذلك.

قوله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا) يجوز أن تكون من شرطية ، وأن تكون موصولة ودخلت الفاء لشبهها بالشرطية.

فإن قيل : المعلق بالشرط عدم عند عدم الشرط ، فمن لا يرجو لقاء الله لا يكون أجل الله آتيا له ، وهذا باطل ، لأن أجل الله آت لا محالة من غير تقييد بشرط؟

فالجواب : أن قوله : (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) ليس بجواب ، بل الجواب محذوف ، أي فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا كما قد صرح به.

وقال ابن الخطيب : المراد من ذكر إتيان الأجل وعد المطيع بما يعده من الثواب أي من كان يرجو لقاء الله فإن أجره لآت بثواب الله ، أي يثاب على طاعته ، ومن لا يرجو لقاء الله آتيا له على وجه الثواب.

فصل

قال ابن عباس ومقاتل : من كان يخشى البعث والحساب (٢). والرجاء بمعنى الخوف. وقال سعيد بن جبير (٣) : من كان يطمع في ثواب الله فإن أجل الله يعني ما وعد الله من الثواب والعقاب.

__________________

(١) يشير إلى الآية ٩٠ من البقرة وهي قوله : «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ» وقد بين هناك أن «ما» إما أن تكون في موضع رفع فاعل بئس ، وعليه فيجوز أن تكون اسما تامّا معرفة ويكون الفعل وصفا لموصوف محذوف هو المخصوص أو تكون موصولة ، والفعل بعدها صلة لها ، والمخصوص محذوف ، أو يكتفى بها عن المخصوص وأن تكون مصدرية أو نكرة موصوفة والمخصوص محذوف.

والوجه الثاني : أن تكون «ما» كافة كما في طال ، وكثر وغير ذلك. والوجه الثالث : أن تكون تمييزا فموضعها نصب وعليه فهي إما أن تكون نكرة موصوفة بالفعل بعدها أو نكرة ثابتة ، وانظر : اللباب بتصرف ٣٠١ ب.

(٢) في «ب» والعقاب.

(٣) مولى بني والبة بن الحارث من بني أسد ، كان فقيها ورعا ، قرأ القرآن على ابن عباس ، وقرأ عليه أبو عمرو ، والمنهال بن عمرو ، مات سنة ١٧٥ ه‍ مقتولا ، وانظر : طبقات المفسرين للداودي دار الكتب العلمية ط ١ / ١٤٠٣ ه‍ / ١٩٨٣ م.