.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن الظاهر من «رفع القلم» هو رفع المؤاخذة التي هي من خواص التكاليف الإلزامية. والوجه في هذا الظهور تسالم المشهور على أمرين :
أحدهما : شرعية عبادات الصبي لا تمرينيتها ، لوضوح إناطة التقرّب بوجود أمر مولوي استحبابي في حق الصغير المميّز ليتقرّب به إليه جلّ وعلا. ومن المعلوم توقف هذا الأمر الندبي على شمول إطلاق أدلة العبادات لكلّ من الصبي والبالغ ، وإنّما يرتفع عن الصبي ما وضعه الشارع على البالغ ، وهو خصوص المؤاخذة والعقوبة المترتبة على عصيان الحكم الإلزامي ، فيكشف عن ارتفاع خصوص الإيجاب والتحريم امتنانا عن غير البالغ. وأمّا سائر الأحكام التكليفية من الاستحباب والإباحة والكراهة ، وكذا الأحكام الوضعية ، فإطلاق أدلتها شامل لكل من الصغير والكبير على السواء ، لعدم امتنان رافع لها.
ثانيهما : اشتراك الأحكام الوضعية بين الصبي والبالغ ، فلو دلّ حديث «رفع القلم» على إلغاء سببية إنشاء الصبي وكونه بحكم العدم لكان منافيا لتسالمهم على الاشتراك المزبور. ولا مناص من جعل المرفوع قلم المؤاخذة المترتبة على عصيان الأحكام التكليفية الإلزامية ـ من الإيجاب والتحريم ـ خاصة ، حتى يبقى قلم الأحكام الوضعية شاملا للصغار ، فسببية الإنشاء للملكية والضمان والوصاية ونحوها حكم وضعي مشترك.
وبناء على هذين الأمرين يتعيّن جعل المرفوع المؤاخذة المخصوصة بالأحكام الإلزامية ، دون غيرها ، لكون الحديث في مقام الامتنان على الأمّة ، فيختص المرفوع بما فيه ثقل عليهم ، ولا ثقل في غير الإيجاب والتحريم حتى يرتفع بالحديث ، فالأحكام التكليفية غير الإلزامية وكذا الاعتبارات الوضعية ـ الّتي منها سببية الإنشاء للأثر المترتب عليه ـ جارية في حق الصبي ، ولا وجه لما التزم به المشهور من سلب عبارته اعتمادا على حديث رفع القلم عنه.