لا قلم جعل الاحكام ، ولذا (١) بنينا كالمشهور على شرعية عبادات الصبي.
وثانيا (٢) : أنّ المشهور على الألسنة أنّ الأحكام الوضعية ليست مختصة
______________________________________________________
(١) يعني : ولكون المراد برفع القلم رفع المؤاخذة قلنا بشرعية عبادات الصبي.
(٢) هذا ثاني وجوه المناقشة ، وتوضيحه : أنّه لو سلّمنا ظهور «رفع القلم» في نفي كافة الأحكام المجعولة على الكبار قلنا : لا بدّ من جعل المرفوع خصوص الأحكام التكليفية ، حتى تكون الاعتبارات الوضعية جارية في حق الصغار ، وذلك لما اشتهر بينهم من عدم اختصاص الخطاب الوضعي بالبالغين ، لحكمهم بضمان الصبي بالإتلاف ، وبصحة عتقه وتدبيره ووصيّته ونحوها.
وعلى هذا فلا تلازم بين التكليف والوضع ، فيمكن تأثير عقد الصبي في النقل والانتقال ، واتصاف إنشائه بالسببية فعلا والتأثير الفعلي ، لكنه لا يخاطب بوجوب الوفاء بإنشائه إلّا بعد البلوغ ، لكون وجوب الوفاء حكما إلزاميا معلّقا على البلوغ وكما العقل.
أو يقال : بأنّ إنشاء الصبي سبب لتوجه خطاب «ف بعقد الصبي المولّى عليه» إلى الولي الآذن له ، فيجب فعلا عليه ترتيب الأثر على عقد الصبي المأذون له ، وكذا لو أجاز عقده. وبهذا يتصف إنشاؤه بالسببية أيضا.
فإن قلت : كيف يتصف إنشاؤه بالسببية ، مع عدم مخاطبته بوجوب الوفاء فعلا؟ وكيف يصير إنشاؤه سببا لتوجه الخطاب إلى الوليّ؟ مع دوران وجوب الوفاء مدار العقد ، ولا عقد للوليّ حتى يجب وفاؤه به.
قلت : لا استيحاش في سببيّة إنشاء الصغير لخطاب غير فعليّ في حق نفسه ، أو لخطاب فعلي في حق وليّه ، وذلك لوجود نظيره ، وهو أنّه لو أجنب الصغير بمباشرة زوجته مثلا أثّرت جنابته في توجّه أحكام تكليفية ، بعضها غير فعلية وهو ما يتعلق بنفسه ، وبعضها فعلية خوطب به البالغون ، فغير الفعلي وجوب الغسل عليه بمجرّد بلوغه. والفعلي أنّه يحرم على الغير تمكين الصغير المجنب من مسّ المصحف الشريف ،