وقالت : أما أنت ، فأمير المؤمنين ، وسيد الوصيين (٣) ، وأما أنا ، فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنوشيروان.
فانصرف القوم الذين كانوا معه من أهل ساباط ، إلى أهاليهم ، وأخبروهم بما كان وبما سمعوه من الجمجمة ، فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وحضروه وقال بعضهم فيه مثل ما قال النصارى في المسيح ، ومثل ما قال عبد الله بن سبأ وأصحابه [ فقال له أصحابه ] (٤) : فان تركتهم على هذا كفر الناس ، فلما سمع ذلك منهم ، قال لهم : « ما تحبون أن أصنع بهم؟ » قال : تحرقهم بالنار ، كما أحرقت عبد الله بن سبأ وأصحابه ، فأحضرهم وقال : « ما حملكم على ما قلتم؟ » قالوا : سمعنا كلام الجمجمة النخرة ، ومخاطبتها إياك ، ولا يجوز ذلك إلا لله تعالى ، فمن ذلك قلنا ما قلنا ، فقال ( عليه السلام ) : « ارجعوا إلى كلامكم وتوبوا إلى الله » فقالوا : ما كنا نرجع عن قولنا ، فاصنع بنا ما أنت صانع ، فأمر أن تضرم لهم النار فحرقهم ، فلما احترقوا ، قال : « اسحقوهم واذروهم في الريح » فسحقوهم وذروهم في الريح ، فلما كان اليوم الثالث من إحراقهم ، دخل إليه أهل الساباط وقالوا : الله الله في دين محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، إن الذين أحرقتهم بالنار ، قد رجعوا إلى منازلهم أحسن ما كانوا ، فقال ( عليه السلام ) : « أليس قد أحرقتموهم بالنار ، وسحقتموهم وذريتموهم في الريح؟ » قالوا : بلى ، قال : « أحرقتهم أنا ، والله أحياهم » فانصرف أهل ساباط متحيرين.
[ ٢٢٤١١ ] ٢ ـ وروى الشيخ شاذان بن جبرئيل القمي في كتاب الفضائل : بإسناده عن أبي الأحوص ، ما يقرب منه ، وفي آخره : فسمع بذلك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وضاق صدره فأحضرهم ، وقال : « يا قوم ، غلب
__________________
(٣) في المصدر زيادة : وإمام المتقين في الظاهر والباطن وأعظم من أن توصف.
(٤) أثبتناه من هامش الطبعة الحجرية.
٢ ـ كتاب فضائل بن شاذان ص ٧٥.