والمنهاج لم يرغب في الدنيا ولا في زينتها وحاسب نفسه بنفسه ، قلت : أنا مؤمن بهذا قال : صدقت ولكن قارب وسدد ولا تيأس ، واعمل ولا تفرط ، وارج وخف و احذر (١).
ثم بكى وشهق ثلاث شهقات فظننا أنه قد مات ، ثم قال : فداكم أبى وأمي لو رآكم محمد صلىاللهعليهوآله لقرت عينه حين تسألون عن هذه الصفة ، ثم قال : النجاء النجاء الوحا الوحا (٢) الرحيل الرحيل ، العمل العمل ، وإياكم والتفريط ، وإياكم والتفريط ، ثم قال : ويحكم اجعلوني في حل مما قد فرطت ، فقلت له : أنت في حل مما قد فرطت جزاك الله الجنة كما أديت وفعلت الذي يجب عليك ، ثم ودعني وقال : اتق الله وأد إلى أمة محمد صلىاللهعليهوآله ما أديت إليك. فقلت له : أفعل إن شاء الله ، قال : أستودع الله دينك وأمانتك وزودك التقوى وأعانك على طاعته بمشيئته ».
وقد أذن رسول الله صلىاللهعليهوآله فكان يقول : أشهد أني رسول الله وقد كان يقول فيه : أشهد أن محمدا رسول الله لان الاخبار قد وردت بهما جميعا.
وكان لرسول الله صلىاللهعليهوآله مؤذنان أحدهما بلال والآخر ابن أم مكتوم ، وكان ابن أم مكتوم أعمى ، وكان يؤذن قبل الصبح.
٩٠٦ ـ وكان بلال يؤذن بعد الصبح ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « إن ابن أم مكتوم يؤذن بالليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال » فغيرت العامة هذا الحديث عن جهته وقالوا : إنه عليهالسلام قال : « إن بلالا يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم ».
٩٠٧ ـ وروي أنه « لما قبض النبي صلىاللهعليهوآله امتنع بلال من الاذان وقال : لا
__________________
(١) « قارب » أي اقتصد. « سدد » أي في أمورك. « ولا تيأس » أي من روح الله. « ولا تفرط » أي لا تقصر في العمل الصالح. « وارج » أي غفران الله تعالى. « وخف » أي من سخط الله سبحانه. « واحذر » أي من المعاصي. ( مراد )
(٢) الوحا ـ بالقصر والمد ـ : السرعة يعنى البدار البدار وهو منصوب على الاغراء بفعل مضمر. وكذا النجاء ممدودا : بمعنى السرعة والسبقة.