بالتقصير ، قال له النبي صلىاللهعليهوآله : في كم ذلك؟ فقال : في بريد قال : وكم البريد؟ قال : ما بين ظل عير إلى فيئ وعير (١) فذرعته بنو أمية ثم جزأوه على اثني عشر ميلا
__________________
(١) قال السمهودي في وفاء الوفاء : ان « عير » بفتح العين وسكون الياء جبل قرب ذي الحليفة في جنوبي المدينة المكرمة و « وعيرة » بفتح الواو وآخرها هاء جبل في غربي أحد وهو شمال المدينة المشرفة. ا ه. وقال استاذنا الشعراني ـ مد ظله ـ بعد نقل هذا الكلام :
لما كان ذرع المسافة بين رأس الجبلين أو مسقط حجرهما غير ممكن اعتبر صلىاللهعليهوآله الظل وإنما قال : « فيئ وعير » لان ظلها قبل الزوال يكون شمالا أو غربا وراء الجبل حيث لا يراه من هو في جانب المدينة والأنسب أن يعتبر الفيئ أول ظهوره بعد الزوال لا عند الغروب إذ يصير فيئ الجبل قريب الغروب طويلا جدا بحيث لا يشخص منتهاه ، وأما « ظل عير » فالمناسب أن يراد به ظل وقت الزوال لان هذا الجبل في جنوبي المدينة المشرفة والجانب الشمالي منه يواجه البلد وظله عند الزوال إلى سمت البلد ويتمكن الواقف عنده من تعيين رأس الظل والمساحة وأما عند الطلوع فالظل طويل إلى جانب المغرب إلى غير النهاية ولا يتشخص ، وبالجملة فالمسافة المذكورة في الحديث من الشمال إلى الجنوب بريد أربعة فراسخ ، والمدني يرى من البلد شرفة الله تعالى ظل عير في جميع حالاته من طلوع الشمس إلى غروبها والجبل في الجنوب الشرقي وفيئ وعير بعد الزوال فقط حين يظهر من مشرق الجبل ، وأما وعير وأحد وثور فجميعها من الشمال فأحد معروف وثور جبل صغير غير مشهور وهو غربي أحد وعيرة غربي ثور ولذا ورد في أحاديث العامة بين عير وثور وفى بعضها بين عير وأحد ومفاد الجميع مع ما ورد بين عير وعير واحد.
وقال المولى المجلسي ـ رحمهالله ـ : الظاهر أنهما جبلان بالمدينة والمشهور عاير ووعير فعلى تقدير التعدد يمكن أن يكون المراد بظل عير ظله قريبا من طلوع الشمس ويكون قريبا من فرسخين ، وكذا فيئ وعير قريبا من الغرب ويتصلان فيكون أربعة فراسخ ، وعلى تقدير الوحدة يكون كل واحد من ظله وفيئه فرسخين ، وفى نسخة « ما بين ظل عير إلى وعير » لكن في الكافي كالأول « ظل عير إلى فيئ وعير » وفى نسخة منه « عاير » بدل « عير ». انتهى.
وقال الفاضل التفرشي : يفهم من الحديث أن وعيرا أيضا جبل بالمدينة ولعله مصغر الوعر ، والظل معروف وقد يطلق على ما يبقى من ظل الشاخص بعد تنقصه عند وصول الشمس إلى دائرة نصف النهار ويسمى الظل الأول أيضا وهو المراد بالظل هنا وما يزيد عليه أو يحدث بعد