وضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث لحقه النور نور الحجر فهو عن يمين الكعبة أربعة أميال (١) ، وعن يسارها ثمانية أميال كله اثنا عشر ميلا ، فإذا انحرف
__________________
(١) أراد بأصحابه أهل العراق ، وروى الكليني في الكافي ج ٣ ص ٤٨٧ عن علي بن محمد رفعه قال : « قيل لأبي عبد الله (ع) : لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟ فقال لان للكعبة ستة حدود أربعة منها عن يسارك واثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف إلى اليسار » وقال في المدارك : « استحباب التياسر هو المشهور وظاهر عبارة الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف يعطى الوجوب مستدلا باجماع الفرقة وبرواية المفضل بن عمر ، وبما رواه الكليني والروايتان ضعيفتا السند جدا والعمل بهما لا يؤمن معه الانحراف الفاحش عن حد القبلة وإن كان في ابتدائه قليلا والحكم مبنى على أن البعيد قبلته الحرم كما ذكره المحقق في النافع والعلامة ـ رحمهماالله ـ في المنتهى واحتمل العلامة من المختلف اطراد الحكم على القولين وهو بعيد ». ( المرآة ) وقال الفيض ـ رحمهالله ـ : حملها الأصحاب على الاستحباب ، ان قيل الانحراف بالتياسر إن كان إلى القبلة فواجب أو عنهما فغير جائز ، أجيب بان الانحراف عنها للتوسط فيها فيستحب. وقال استاذنا الشعراني في هامش الوافي قوله « عن يمين الكعبة ـ أي من جانب المغرب فان البر من ذلك الجانب ضيق ينتهى إلى البحر فجعل الحرم من المغرب أضيق واما من جهة المشرق فالبر واسع جدا وجعل الحرم منه أوسع ومع ذلك فكلاهما للعراقي بمنزلة نقطة واحدة إذا تياسر خرج عن سمت الحرم الشرقي قطعا مع سعته وخبر علي بن محمد وكذلك رواية المفضل ضعيفان لا يحتج بهما قطعا ، واما التياسر الذي يتضمنه فالظاهر أنه كان مشهورا بين الشيعة والراوي وإن كان ضعيفا والخبر احتمل كونه موضوعا لكن المعلوم أن الراوي الضعيف إذا نقل عملا مشهورا فان لا يكذب فيه لئلا يتبين كذبه فالضعف في العلة التي ذكر لا في أصل التياسر وحينئذ فيتوجه قول المجلسي وغيره ـ رحمهمالله ـ في علة التياسر وأن ذلك كان لبناء محاريب ذلك الزمان على الغلط ، فعلى هذا إذا حققنا القبلة وبنى المحاريب على الصحيح كما في زماننا لا يجوز التياسر عن السمت الصحيح ويسقط اعتراض المحقق الطوسي رحمهالله على ما هو المعروف لأنا لا نعلم مقدار الغلط في المحاريب القديمة فلعله كان قليلا بحيث لا يخرج المتوجه إليه عن صدق الاستقبال فيكون التياسر القليل مستحبا لا واجبا ، ثم انا لا نعلم أن قدماء الشيعة كانوا يتياسرون وجوبا أو استحبابا وإنما الثابت من الحديث عملهم لا وجه عملهم وعبر بعض العلماء بالوجوب ». انتهى.