القلب (١) ، وليست من جنس المال والبنين حتى يؤل المعنى إلى أن البنين والمال لا ينفعان ، وإنما ينفع سلامة القلب ، ولو لم يقدر المضاف لم يتحصل للاستثناء معنى (٢).
قال أبو حيان : ولا ضرورة تدعو إلى حذف المضاف كما ذكر (٣).
قال شهاب الدين (٤) : إنما قدر المضاف ليتوهم دخول المستثنى في المستثنى منه لأنه متى لم يتوهم ذلك لم يقع الاستثناء ، ولهذا منعوا : صهلت الخيل إلا الإبل. إلا بتأويل (٥).
الثاني : أنه مفعول به لقوله : (لا يَنْفَعُ) أي : لا ينفع المال والبنون إلا هذا الشخص فإنه ينفعه ماله المصروف في وجوه البر وبنوه الصلحاء ، لأنه علمهم وأحسن إليهم (٦).
الثالث : أنه بدل من المفعول المحذوف ، أو مستثنى منه ، (إذ التقدير : لا ينفع مال ولا بنون أحدا من الناس إلا من كانت هذه صفته (٧) ، والمستثنى منه) (٨) يحذف كقوله :
٣٩١٢ ـ ولم (٩) ينج إلا جفن سيف ومئزرا (١٠)
أي : ولم ينج بشيء.
الرابع : أنه بدل من فاعل «ينفع» فيكون مرفوعا. قال أبو البقاء : وغلب من يعقل فيكون التقدير : إلا مال من ، أو بنون من فإنه ينفع نفسه وغيره بالشفاعة (١١).
قال شهاب الدين : وأبو البقاء خلط وجها بوجه ، وذلك أنه إذا أردنا أن نجعله بدلا من فاعل «ينفع» قلنا : فيه طريقتان (١٢) :
إحداهما (١٣) : طريقة التغليب ، أي : غلبنا البنين على المال ، فاستثنى من البنين
__________________
(١) في النسختين : السلامة. وما أثبته من الفخر الرازي.
(٢) الكشاف ٣ / ١١٨.
(٣) البحر المحيط ٧ / ٢٦.
(٤) الدر المصون ٥ / ١٥٩.
(٥) شرط الاستثناء المنقطع أن يناسب المستثنى منه ، فلا يجوز قام القوم إلا ثعبانا ، وأن لا يسبق ما هو نص في خروجه ، فلا يجوز صهلت الخيل إلا الإبل ، بخلاف صوتت الخيل إلا الإبل ، فالمثال الذي ذكره شهاب الدين على ظاهره لا يجوز ، لأنه قد سبق ما هو نص في خروج ما بعد (إلا) ، فيصبح (إلا) لغوا لا فائدة منها ، لأن الصهيل خاص بالخيل ، وكأن شهاب الدين يقصد بالتأويل هنا أن يضمن (صهلت) معنى (صوتت). انظر حاشية الصبان على الأشموني ٢ / ١٤٣.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ١١٨.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٩٨.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) في الأصل : ولا.
(١٠) عجز بيت من بحر الطويل ، وصدره :
نجا سالم والنفس منه بشدقه
وقد تقدم تخريجه.
(١١) التبيان ٢ / ٩٩٨.
(١٢) في النسختين : طريقان. والصواب ما أثبته.
(١٣) في الأصل : أحدهما.